معبر رفح.. بوابة الحياة المغلقة
باب حديدي ولد مع اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978، هو منفذ عبور الحياة بالنسبة للفلسطينيين وصمام الأمان للمصريين، رفح الفلسطينية والمصرية، كانا كيان واحد، عائلات تعيش معًا على أرض واحدة لا يفصل بينهما حدود، توثقت العلاقات الاجتماعية حتى وصلت إلى الزواج، ومع اتفاقية كامب ديفيد، كان يجب رسم الحدود الفلسطينية الجديدة، فانقسمت رفح وتفرقت العائلات، ومنعت إسرائيل عبور الفلسطينيين منعًا باتًا.
منذ هذا الحين لم تعد رفح "المدينة والمعبر" مثل أي وجود حدودي آخر، بل إنه بوابة يمقتها الجانب الفلسطيني ويفرضها المصري لدواع أمنية، حيث أقيم عام 1979 وكان مقررًا له أن يكون مغلقًا طوال الوقت، وأن يكون تحت السيطرة الإسرائيلية فقط، فكان بالفعل تحت سيطرة هيئة المطارات الإسرائيلية حتى 2005، حيث انسحبت إسرائيل وتركت المعبر لمراقبين أوروبيين.
بعدها هذا التاريخ بعامين، وتحديدًا في يونيو 2007 سيطرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عن طريق كتائب عزالدين القسام على قطاع غزة، ومنها فرضت سيطرتها على رفح، ولم يعد المعبر مغلقًا كما كان إلا من الجهة المصرية، "لدواع أمنية"، وبدأت إسرائيل تخشى معبر رفح، ودائمًا ما تضغط عالميًا كي يُغلق معظم الأوقات، فالسيطرة على البضائع والأفراد والسلع من أولويات إسرائيل التي ترغب أن تكون على دراية كاملة بها.
ومن أجل ذلك، اقترحت إسرائيل على مصر أكثر من مرة نقل معبر رفح الحدودي، لعدة كيلومترات جنوبي شرق موقعه الحالي، تحديدًا بمدينة "كرم سالم"، ليكون معبر رفح مثلث حدودي مصري فلسطيني إسرائيلي، وبذلك تبقى إسرائيل سيطرتها الأمنية على البضائع والأفراد من وإلى فلسطين عن طريق مصر، ورغم أن إسرائيل أعلنت بالفعل اتفاقها مع مصر على هذا المعبر الجديد إلا أن خطوات تنفيذ حقيقية لم تحدث.
كان المعبر قبل عام 2010، يفتح أمام الفلسطينيين من آن لآخر في المناسبات كالحج والتعليم، وأمام الحالات الإنسانية، لتلقي العلاجات في مصر، ورغم المطالبات المتكررة من الجانب الفلسطيني لفتح المعبر، ورغم ما كان يحدث من مجازر في فلسطين إلا أن المعبر كان مغلقًا طوال الوقت، وبعد مجزرة أسطول "الحرية" التركية التي جاءت بمساعدات إنسانية من دواء وطعام لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، حيث خرجت عليها قوات الكوماندوز الإسرائيلية في عرض البحر لمنع وصول الزاد إلى مواطني غزة؛ قرر الرئيس المخلوع حسني مبارك فتح معبر رفح لأجل غير مسمى أمام الفلسطينيين لكسر الحصار عنهم، وفي نوفمبر من نفس العام تقرر فتحه 12 ساعة من 7 صباحًا وحتى 7 مساءً وإغلاقه أيام الإجازات الرسمية والجمعة والسبت.
وكان للتغييرات السياسية داخل مصر مع حدوث ثورة 25 يناير أثر بالغ على المعبر الحدودي، فغلق يوم 28 يناير 2011، يوم جمعة الغضب، بشكل كامل، ثم أمر المجلس العسكري المصري الذي تولى شؤون البلاد في فبراير 2011، بفتح المعبر أمام الحالات الإنسانية فقط، ليعود كما كان قبل عام 2010، وبعد تولي الإخوان بقيادة محمد مرسي، كانت أولى قراراته فتح المعبر دون قيود لأجل غير مسمى.
وتتبدل الخريطة السياسية للمرة الرابعة في مصر، ومع 8 يونيو 2014، يتولى عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر، وهو ما له أثر على المعبر، فأغلق من ساعته وتاريخه، رغم ما تشهده غزة الآن من مواجهات دامية مع الكيان الصهيوني، وسط صمت عربي، ليفتح اليوم أمام الحالات الإنسانية فقط.