طفولة «محمد»: بطاطس وكولا ومدرسة العائلة المقدسة
يرتبط اسمه فى أذهان الكثيرين بالميكروفون الشهير له، وسلالم نقابته التى لم ييأس يوماً من المطالبة بالحقوق عليها، أما هو فلا ترتبط صورته الذهنية عن نفسه بالسلالم أو بالنقابة، وإنما بذلك الحضن الدافئ القادم من زمن بعيد، حين كانت ذراعا أمه وأبيه تحوطانه بمزيد من الرعاية والحب، صحيح أنه كبر والتحق فى رحلته بجماعة الإخوان، ومر بالكثير من المواقف الصعبة التى وصلت إلى حد السحل أحياناً، لكن ابتسامته فى طفولته الهادئة لم تتغير كثيراً عمَّا هى الآن فى كهولته الصاخبة.
لا يعرف الكثيرون أن الرجل الإخوانى ذا اللحية درس مرحلته الابتدائية بالكامل فى مدرسة «العائلة المقدسة»: «كانت أيام جميلة، أفضل من دلوقتى بكتير، كان فيه تعليم حقيقى، وما كانش فيه تعصب، أبويا وأمى كانوا عاوزينا نتعلم لغات، ولما الثورة قامت ألزمت المدرسة وقتها إنها تدرس للطلبة عربى ودين، درسنا فى جو كله تسامح، ما كناش نعرف يعنى إيه تعصب، يمكن أكتر حاجة مميزة هى الاهتمام الاستثنائى بيا باعتبار إن والدى هو إحسان عبدالقدوس، وكان من بين زمايلى فى بعض الصفوف التانية عائلة فخرى عبدالنور».
لفرط هدوء أيامه الخوالى فى المدرسة الابتدائية، لا يتذكر محمد عبدالقدوس الكثير عن مدرسته، سوى أن أكثر مدرسيه كانوا أجانب، والقلة منهم فقط كانوا مصريين، يتأمل صورته الباسمة التى التقطها فى عام 1953 كى يقدمها ضمن أوراقه فى المدرسة: «ذكرياتى اللى بجد بدأت لما روحت مدرسة الليسيه فى باب اللوق، هناك كملت الدراسة الثانوية، وكان من بين زملائى محمود أباظة، الرئيس السابق لحزب الوفد الجديد، وعلى كل حال أنا كنت خجول جدا، وما كنتش بعمل صداقات كتير فى الفصل».
لا يلبث محمد عبدالقدوس أن يؤكد باستمرار أن علاقته بالأقباط ممتازة، سواء من مدرسته أو من الحياة بشكل عام: «مواعيد الدراسة كانت من 8 صباحاً لحد 6 مساء، ما عدا رمضان؛ لذلك كنا كلنا بنفرح فى الشهر الكريم؛ لأننا بنخرج بدرى».
لم يكن المصروف يتعدى قروشاً قليلة: «كانت جنيهات، وأكتر حاجة كنت أحب أجيبها من كانتين المدرسة فى الابتدائى هى البطاطس والكوكاكولا، بشتريهم لحد دلوقتى، وأروح المدرسة كمان أستعيد ذكريات طفولتى، صحيح ليا صور كتير فى مراحل حياتى الأولى، أول صورة ليا فى حياتى كانت فى النادى الأهلى، كنت على دراع والدى فى سن 10 شهور، لكن تظل صورتى سنة 53 فى مرحلة الابتدائى هى الصورة الأكثر هدوءاً ووداعة وبراءة».