المفاجأة فى الخطاب الأخير للرئيس أنه يجهز «قوافل» للتعمير؛ لزراعة أول مليون فدان بعد العيد.. تعظيم سلام، ومين يكره غزو الصحراء، وتشغيل الشباب فى بلد 94% من مساحته جرداء، بلد يستورد 60% من غذائه.. لكن السؤال: لماذا يفاجئنا سيادة الرئيس، ولا يشاركنا كأهل خبرة، حتى نساهم فى إنجاح هذه «الفكرة»؟.. هذه «الفكرة» الرائعة للفنان محمد ثروت، نعم.. هذه «فكرة» المهندس الفنان محمد ثروت، عرضها علينا منذ 3 سنوات.. وفحواها: أن يستغل الجيش ما لديه من إمكانيات بجهاز الخدمة الوطنية.. وبما أن التجنيد إجبارى، وأصبحت هناك «دفعات معفاة» من التجنيد.. هذه الدفعات لماذا نتركهم فى الشوارع «يتحرشون بالسيدات»، ولا نستغلهم فى استصلاح واستزراع الصحراء؟
وكان سؤالى للفنان المهموم مثلنا بمستقبل هذا الوطن العظيم: وماذا نزرع؟ وأى أسواق مستهدفة للتصدير؟ ومن سيتملك هذه الأراضى الجديدة؟ وبكام الفدان؟ وهل هناك خريطة لهذا المليون فدان؟.. «خريطة» تلف على وزارة الرى - الجيش - الآثار - المحاجر والمناجم، الطرق والكبارى.. إلخ، للحصول على الموافقات.. بدلاً من نظام «دوخينى يالمونة»، وودنك منين ياجحا؟ وكل مواطن عايز خمسة أو عشرة أو مائة فدان، يدوخ السبع دوخات للحصول على هذه الموافقات!
والسؤال: لماذا يعمل الرئيس ويخطط فى السر، ثم يفاجئنا بالقرارات؟ طيب بلاش يشاركنا فى الرأى، وعليه أن يعطى الخبراء فرصة لنقد مثل هذه «الأفكار»، لنصـل معاً إلى أفضل التطبيقات، قبل أن تقع الفاس × الراس.. ونرجع نقول ياريت اللى جرى ما كان.. فاكرين «توشكى».. فاكرين أبوطرطور؟
اسأل نفسك لو كان هذا «المليون فدان» بالمياه المخصصة له فى يد الإسرائيليين.. ماذا كانوا سيفعلون به؟
أولاً: هيعملوا خريطة للمساحة.. والخريطة تلف على الجهات والوزارات المعنية للحصول على الموافقات.. وكل جهة لها حاجة تحط «دائرة» بالأحمر على المساحات التى يعتبرها الجيش استراتيجية، وإذا كان هناك «آثار» تضع عليها «دائرة» بالأزرق، والمناجم بالأسود.. إلخ.
ثانياً: يتم تقسيم المليون فدان إلى مربعات.. المربع القريب والملاصق للخدمات (طريق أسفلت.. ترعة.. إلخ) ثمن الفدان أعلى سعر، والمربع التالى الأبعد عن الطرق والخدمات بسعر أقل حتى نصل إلى العمق البعيد عن الخدمات، بثمن بسيط أو رمزى.. وكل مربع على الخريطة سعر الفدان مكتوب عليه.. بعيداً عن لجان تقدير الأسعار، وما فيها من فساد وإفساد ومجاملات.
ثالثاً: هذا المليون فدان يوزع كالتالى طبقاً للمخطط السابق (200 ألف فدان غرب كوم أمبو + ترعة الشيخ زايد قبل مارينا 80 ألف فدان + 200 ألف بوادى النطرون + 300 بتوشكى + العوينات 150 ألفاً + الفرافرة الجديدة + +).
السؤال: ما كمية المياه المتاحة؛ جوفية ونيلية، لهذا المليون فدان؟ حتى نستغلها الاستغلال الأمثل.. فالعالم اليوم لديه معيار واحد هو: متر المياه = كام فلوس، إذا استخدمته للزراعة؟ واحد مفترى هيزرع برسيم ويصدره لعجول المنطقة.. وكده المتر المكعب عائده «جنيه»، واحد هيزرع فاكهة، المتر هيجيب «جنيه»، وواحد شاطر هيجيب من المتر «جنيه».. والخبير هيزرع أعشاب طبية هيجيب 2 جنيه، نباتات عطرية 3 جنيه.. وعبقرى هيستغل نقاء البيئة الصحراوية الجديدة، وهيزرع «تقاوى» بذور منتقاة = 50 جنيه، وهكذا.
والسؤال الأهم: هل لدى الرئيس استراتيجية للمليون فدان؟ يعنى سياسات، وخطط، وبرامج، وآليات، وقواعد للحساب، وتوقيتات.. وهل عارف هيزرع إيه إمتى وفين؟ أنا شخصياً بحكم خبرتى بهذا القطاع، أعلن أننى «قلقان».. «خايف» من الحماس الزائد، ومتخوف من تجارب جهاز الخدمات بالقوات المسلحة بقطاع الزراعة.. خايف يروحوا يزرعوا بطيخ ومانجة، خايف من اللى جرى، وللأسف الدفاتر مش بتتقرا..
صباح الخير سيادة الرئيس: أنا شخصياً شرفت بزيارات لمزارع جهاز الخدمة الوطنية بالنوبارية، والعوينات.. شفت بعينى محدش قال لى.. ولهذا أنبه وأحذر من تكرار نفس الأخطاء فى الزراعة.. وأيضاً فى أساليب التملك.. أوعى ياريس توزع خمسة فدان على كل شاب.. هيغرق بيهم.. والحل.. أكرر:
(1) خريطة لكل مساحة مستهدفة.. والخريطة تحصل على الموافقات مسبقاً.
(2) نقسم المساحة إلى «مربعات».. كل مربع مكتوب عليه سعر الفدان.
(3) ننشئ شركات مساهمة.. وكل شاب هيكون له أسهم تعادل فدان، اثنين، خمسة، عشرة، طبقاً للأعداد المستفيدة، وطبقاً لدراسة الجدوى والعائد فيها.
(4) ممنوع زراعة البرسيم - الأرز.. القصب، وكل ما يستهلك مياهاً كثيرة، أو أى زراعات تقليدية رخيصة.
(5) مصر محتاجة 100 ألف فدان «تقاوى» لزراعة 3.5 مليون فدان قمح.. الفدان بتقاوى منتقاة ينتج 25: 30 أردباً، بدلاً من 15 أردباً حالياً.. أيضاً مصر تستورد بذور الطماطم (بنزرع 450 ألف فدان طماطم بنبيع الكيلو بنص جنيه أو جنيه بالمزرعة) ونستورد كيلو بذرة الطماطم من إسرائيل (عن طريق هولندا أو قبرص) بثلاثين ألفاً، إلى مائة ألف جنيه، حسب الصنف، مين يصدق إننا بنستورد تقاوى البطاطس وتقاوى الدرة والبسلة وكل حاجة.. حتى الفول والعدس!!
الخلاصة:
بما أن إثيوبيا قررت تزرع 5 ملايين فدان، والسودان 20 مليون فدان، وكل دول حوض النيل مقبلة على الزراعة باستثمارات صينية - سعودية - عربية وأجنبية، وبما أننا ننوى زراعة أربعة ملايين فدان.. وبما أننا نستورد كل تقاوينا وبذورنا من الخارج.. وحيث إن عائد زراعة التقاوى يأتى فى المرتبة الثالثة بعد تجارة السلاح ثم الأدوية.. فلماذا لا تصبح مصر أم الدنيا هى مركز إنتاج وتصدير التقاوى والشتلات لكل أفريقيا والعالم العربى؟
وباقى المساحة نزرعها أعشاباً طبية، ونباتات عطرية، ووسط هذه المساحات نقيم أكبر مزارع لإنتاج الطيور والأغنام، وكل احتياجات هذه المجتمعات الجديدة.. اللهم إنى قد بلغت..