إسماعيل عبد الحافظ.. مخرج الروائع الرمضانية
يعد أحد أبرز المخرجين في تاريخ الدراما المصرية، من الصعب أن يوضع اسمه في نهاية أي تتر لعمل درامي، ولا يستحوذ ذلك العمل على قدر وافر من المشاهدة، اكتشف العديد من الممثلين الذين أصبحوا فيما بعد، نجوما للدراما التليفيزيونية، واعتبرت أعماله توثيقا واضحا للعديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، في حقب مختلفة من التاريخ المصري.
ولد عبدالحافظ بمحافظة كفر الشيخ، عام 1941، وحصل على ليسانس الآداب قسم اللغات الشرقية من جامعة عين شمس، بتقدير جيد جدا، ورفض التعيين معيدا بالكلية، لمجرد تلقيه خطابا يفيد اعتماده للعمل بالإذاعة والتليفزيون، عمل مخرجا بقسم رقابة الأطفال، ثم مخرجا برقابة المسلسلات بالتليفزيون، وارتقى للعمل كمساعد مخرج حتى عام 1969، ثم مخرجا للأعمال الدرامية عام 1970.
الرحلة لم تكن مفروشة بالورد، حاله حال الكثيرين من العباقرة. يروي المخرج إسماعيل عبد الحافظ، في أحد حواراته، أنه دخل مباراة حامية مع الرقابة التي أوقفت أول مسلسل له بعنوان "الناس والفلوس" بعد الحلقة السابعة منه، ثم تم إيقافه بعد إخراج مسلسل "الحب والحقيقة" الذي انتقد رأس السلطة، بقرار من رئيس الجمهورية أنور السادات، لمدة 5 سنوات، بدءا من عام 1980.
لقاؤه بالسيناريست أسامة أنور عكاشة، كان له دورا في تدشين مدرسة جديدة للدراما المصرية، تركز على اختراق المشكلات والغوص في تفاصيل المجتمع المصري ورصد تحولاته السياسية والأخلاقية، فخرجت إلى النور مسلسلات خالدة مثل "الشهد والدموع، ليالي الحلمية، امرأة من زمن الحب، الوسية، العائلة، حدائق الشيطان"، التي كانت شاهدا على نقلة حقيقية في طريقة تقديم المسلسلات الدرامية، التي كانت قبل ذلك، مكتفية بالطابع الوعظي فقط.
"عم إسماعيل".. اجتمع نجوم الفن على مناداته بذلك اللقب، لفضله في اكتشاف العديد منهم، من خلال تقديمهم للمرة الأولى في مسلسلاته، أبرزهم "آثار الحكيم، وعبلة كامل، ومنى زكي، ونشوى مصطفى، وهشام سليم، وممدوح عبد العليم، ومحمد رياض، وياسمين عبد العزيز وطارق لطفي"، فكان يرى أن اكتشاف مواهب جديدة ليس مغامرة، بل تفعيل لخبرة السنين، والتزاما واجبا تجاه الشباب، الذين يحتاجون فرصة لإثبات الذات، علاوة على دوره الكبير في اكتشاف قدرات كبيرة لبعض الممثلين، ربما لم يكتشفوها في أنفسهم من قبل، أمثال يوسف شعبان، الذي كان مسلسل "الشهد والدموع" بداية لأعمال عديدة اشتهر فيها بأداء أدوار الشر، إضافة إلى اكتشافه روعة النجم ممدوح عبد العليم، في لعب أدوار الشخصيات الصعيدية المتأصلة.
بالعودة للمعارك التي خاضها المخرج إسماعيل عبد الحافظ، كان هناك صراع من نوع آخر، دخله مع نجوم الدراما المصرية، التي كان له أياد بيضاء عليهم، سببه مسلسل "حدائق الشيطان"، والذي رشح عبد الحافظ، النجم السوري جمال سليمان، لبطولته، رغم أن أحداثه تدور في الصعيد، وتوقع الكثيرون أن العمل لن يلقى أي نجاح، ولامه آخرون على تفضيل نجوم العرب على المصريين، وكانت النتيجة تحقيق المسلسل لأكبر نسبة مشاهدة عام 2009، وانضمامه إلى سلسلة أعماله التي تنافس نفسها.
يعتبر الكثيرون أن نهاية إبداعات المخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ كانت في فبراير 2010، حين توفى صديق عمره وزميل دراسته الثانوية بكفر الشيخ أسامة أنور عكاشة، ولكنه عاد وأخرج عددا من المسلسلات ودع بها جمهوره العاشق، قبل أن يفارقه في 13 سبتمبر عام 2012، بباريس، بعد صراع مع المرض، لتفتقد الدراما المصرية والمسلسلات الرمضانية، الصانع الأول لرونقها.