من الشخص، أو مجموعة الأشخاص الذين قرروا من خلف ظهر المجتمع كله، إلغاء حق طلاب الثانوية العامة فى إعادة السنة الدراسية كاملة؟ ومتى صدر هذا القرار فى مصر؟ ومن الوزير الذى اعتمد هذا القرار؟ هل هو الوزير الحالى أم الوزير الذى سبقه؟ أم أن هذا القرار أصدرته عصابة إجرامية منظمة تسيطر سيطرة كاملة على وزارة التربية والتعليم، وتديرها من خلف ظهر المجتمع كله بطريقة تؤدى إلى تحويل التعليم إلى مجرد سبوبة حقيرة تراكم المليارات سنوياً فى جيوب حفنة لصوص، اكتشفوا أن مكاسب التجارة فى التعليم أضخم كثيراً من مكاسب تجارة المخدرات والدعارة مجتمعتين!
لقد تأكد لى أن الوزير الحالى الدكتور محمود أبوالنصر، فوجئ مثلنا بأن الطالب الناجح بمجموع ضعيف أو متوسط فى الثانوية العامة، لم يعد من حقه على الإطلاق أن يعيد الثانوية العامة، لتحسين مجموعه والالتحاق بالكلية التى يريدها أو يحلم بها، وتأكد لى أيضاً أن الوزير الحالى لا يعرف أن هناك قراراً جديداً صدر من خلف ظهره ومن خلف ظهورنا جميعاً، يقضى على الطالب الراسب فى مادة أو مادتين بدخول الامتحان فى الدور الثانى، فإذا رسب فى الدور الثانى، كان عليه أن يعيد السنة كلها فى مادة الرسوب فقط، وبعد أن يضيع من عمره عام كامل تتعطف عليه العصابة الإجرامية المنظمة فى وزارة التربية والتعليم، بمنحه نصف درجة المادة المؤهلة للنجاح فقط، بمعنى أن إعادة سنة كاملة لن تفيده فى شىء على الإطلاق، لأنها لن تمنحه أكثر من 2 أو 3٪ فوق مجموعه الضعيف.
والحاصل أن هذه العصابة المجرمة التى وضعت هذا القانون الجديد للثانوية العامة ونفّذته من خلف ظهورنا جميعاً، لم تنتبه وهى تخطط فى الظلام إلى أنها ارتكبت عدة جرائم فى آن واحد، أهمها أنها منحت الراسب فى أكثر من مادتين حقه الطبيعى فى إعادة السنة فى كل المواد الدراسية واحتساب درجاته كاملة، وفقاً لأدائه فى السنة الثانية، ولكنها حرمت الراسب فى مادتين أو مادة من الحق نفسه، ثم امتد الحرمان إلى الطالب الناجح فى كل المواد، ولكن بتقديرات ضعيفة لا تؤهله لدخول أى كلية فى أى جامعة عامة أو خاصة، فضلاً عن حرمان الطالب الذى سيُعيد السنة كلها فى مادة أو مادتين من الحصول على درجة امتحان السنة الثانية كاملة، ولكنه سيحصل فقط على نصف الدرجة المؤهلة للنجاح.
أى دافع هذا الذى أدى بهذه العصابة إلى كل هذا اللف والدوران لتدليل الراسبين فى كل المواد، والحكم بالفشل المؤبد على الناجحين بمجاميع متوسطة أو ضعيفة أو الراسبين فقط فى مادة أو اثنتين؟
لقد فكرت فى الأمر كثيراً، وقلّبته على كل الأوجه، وسألت عدداً كبيراً من أساتذة الجامعات وخبراء التعليم، فلم نعثر على سبب واحد منطقى لكل هذا التعقيد، ولكل هذه القسوة الإجرامية فى التعامل مع أكثر من 150 ألف طالب وطالبة سقطوا فى شباك هذه العصابة بهذا القرار الغادر، الذى اتضح أن الوزير الحالى لا يعرف عنه شيئاً، ولا يدرى من الأساس متى صدر ولا من أصدره!
خبير تعليم واحد سمعته يتحدث عبر إحدى الإذاعات بالصدفة، وهو شخص أعرفه جيداً، كل علاقته بالتعليم أنه «محرر تعليم» يعمل مستشاراً إعلامياً من الباطن لحوالى 15 معهداً وأكاديمية وجامعة خاصة، وقد لاحظت أنه -دون أن يسأله أحد- يتعمّد الحديث عن أهمية إلغاء «تحسين المجموع»، لأن الوزارة اكتشفت أن الكثير من الطلبة يتعمّدون الغياب، أو يتعمّدون الرسوب حتى يتمكنوا من تحسين مجموعهم، وهو أمر -من وجهة نظره- يمثل ظلماً للطلبة الذين التحقوا بالجامعات دون تحسين أو إعادة.
إن هذا المستشار السمسار وأمثاله من الفاسدين المنمقين لا ينبغى أن يفلتوا من الحساب، لأنهم مع العصابة الإجرامية فى وزارة التربية والتعليم، وباتفاق جنائى مسبق ومنظم مع عصابة أخرى تغسل أموالها المسروقة فى معاهد التعليم الخاص، هم الذين صاغوا هذا القرار ونفّذوه من خلفنا جميعاً، وقضوا بذلك بالفشل المؤبد على مئات الآلاف من أبنائنا وبناتنا، بحرمانهم من الإعادة، وهى حق لكل البشر، لكى يوفروا فيضاً بشرياً سنوياً لمعاهد «بير السلم» الخاصة التى رفعت مصروفاتها 200٪ خلال عامين فقط وهى مطمئنة إلى أن نصف أبنائنا سيذهبون إلى هناك وهم ونحن صاغرون!
الأهم والأخطر من كل ذلك، أن كل خبراء التعليم قضوا عشرات السنوات يطالبون بتغيير نظام التقويم الحالى فى الثانوية العامة باعتباره لا يمثل أى دلالة على مستوى الطالب الحقيقى، ولكننا لم نتمكن من تغيير هذا النظام أبداً. وها هى عصابة إجرامية تتمكن من إجراء تعديل جذرى فى نظام الثانوية العامة فى غفلة من الجميع.. فمتى حدث هذا؟.. ومن المسئول؟!