الرئيس الفلسطيني: لم أحضر مؤتمر باريس بشأن غزة لأن مصر لم تشارك فيه
أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن السبب وراء تغيبه عن مؤتمر باريس بشأن الأزمة الحالية في غزة، هو عدم دعوة القاهرة لهذا المؤتمر، مؤكدًا أنه أصرَّ على أن تكون مصر هي من توجِّه الدعوات للحضور، باعتبارها راعية مبادرة وقف إطلاق النار، مشددًا على ضرورة الالتزام بالمبادرة المصرية ورفض قبول أي مبادرات أخرى.
وأكد عباس، في حوار مع صحيفة "عكاظ" السعودية اليوم، أن الوضع تدهور وازداد سوءًا منذ لحظة رفض بعض الأطراف المبادرة المصرية وقف إطلاق النار، موضحًا أن إسرائيل مارست القتل بطريقة همجية منتهكة كل الأعراف الدولية.
ونوَّه الرئيس الفلسطيني بأن المبادرة المصرية اشترطت فتح المعابر ورفع الحصار عن غزة، والإفراج عن العديد من الأسرى الذين اعتقلتهم إسرائيل، بالإضافة إلى الأسرى الذين لم تطلق سراحهم، موضحًا أن المبادرة المصرية تلبي كل المطالب الفلسطينية.
وقال عباس: "نحن متمسكون بالمبادرة المصرية، وأي شيء سيأتي من جانب مصر على أساس هذه المبادرة فنحن على أتم الاستعداد للمشاركة به، ولن نقبل بتلبية مبادرات من أطراف أخرى، خصوصًا أن هذه المبادرات ستعمل على تشتيت العمل الفلسطيني".
وثمَّن الرئيس الفلسطيني دعم المملكة العربية السعودية للشعب الفلسطيني، منوهًا بتقديم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز 500 مليون دولار للفلسطينيين المتضررين في غزة.
وقال إن دعم المملكة لم يقتصر على الجانب المادي فقط، بل تجاوزه إلى الدعم السياسي في كل المحافل الدولية، كاشفًا عن دور المملكة في تفعيل عمل لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، مشيرا إلى أن اللجنة المكلفة بالتحقيق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وبعد اجتماع جنيف كادت أن تفشل لعدم وجود تمويل لها، إلا أن المملكة تعهدت بدفع تكاليف عمل هذه اللجنة، وأعادت لها الحياة.[FirstQuote]
وحول تقييمه للمبادرة المصرية وإمكانية اعتبارها أساسًا للحل، قال أبومازن إن ما تقوم به القوات الإسرائيلية من قتل وتدمير لا يزال دائرًا في غزة، وبالرغم من هدنة إيقاف العمليات العسكرية التي دامت لـ24 ساعة وتم تمديدها لأربع ساعات إضافية، إلا أن القتال لا يزال مستمرًا مع الأسف، بل هناك اجتياح إسرائيلي وصل إلى نصف غزة تقريبًا، والمنطقة الشرقية من قطاع غزة مجتاحة بالكامل من الجيش الإسرائيلي وتم ترحيل غالبية سكان المنطقة الشرقية من القطاع.
وأضاف أن القيادة الفلسطينية منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي عملت على وقف القتال، لذلك توجهنا إلى الرئيس المصري المشير عبدالفتاح السيسي نظرًا للدور التاريخي لمصر في القضية الفلسطينية، ولذلك جاءت المبادرة المصرية التي تتشكل من نقطتين أساسيتين، وهما: إيقاف القتال لحقن دماء المدنيين وتطبيق اتفاق الهدنة الذي وقع في مصر في 2012م، الذي يتطلب فتح المعابر ورفع الحصار عن غزة، وطالبنا أيضًا بالإفراج عن العديد من الأسرى الذين اعتقلتهم إسرائيل، بالإضافة إلى الأسرى الذين لم يطلق سراحهم، ولكن مع الأسف هناك أطراف لم تقبل بهذا، ومن هنا ازداد الوضع سوءًا واشتعل القتال، وحقيقة المبادرة المصرية هي الخيار الأفضل والمتين للخروج من هذه الأزمة".
وعن نتائج عنه جولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، قال الرئيس الفلسطيني إن "الولايات المتحدة من جهتها، حاولت تقريب وجهات النظر ولم تنجح مساعيها، ومن المبادرات التي قامت بها الاجتماع الذي انعقد في القاهرة، بحضور بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، ونبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، وتمت دعوتنا لحضور هذا الاجتماع ولم نذهب لأن الدعوة المفترض أن تأتي من مصر وليس من أي جهة أخرى، ولذلك امتنعنا عن الحضور، ثم أيضًا قرروا أن يذهبوا إلى باريس، وأيضًا لم نذهب لا نحن ولا حماس ولا إسرائيل أيضًا".
وأضاف أبومازن: "نحن متمسكون بالمبادرة المصرية، وأي شيء سيأتي من جانب مصر على أساس هذه المبادرة فنحن على أتم الاستعداد للمشاركة به، ولن نقبل بتلبية مبادرات من أطراف أخرى، خصوصًا أن هذه المبادرات ستعمل على تشتيت العمل الفلسطيني".[SecondQuote]
وعن غياب جميع الأطراف المعنية عن مؤتمر باريس، قال أبومازن: "نحن غبنا عن باريس لأننا يجب أن ندعى من قِبل مصر، ويجب أيضًا أن تكون مصر حاضرة حتى نذهب، ولكن لم يتم ذلك لأنها لم تدعنا ولم تذهب أيضًا، وبالتالي لم يكن الأمر مجديًا للذهاب إلى باريس، وقد تدارسنا هذا الأمر جيدًا ووجدنا أن لا فائدة من المشاركة هناك".
وعن استمرار الحرب وإلى أين تتجه الجهود، أكد الرئيس الفلسطيني أنه في الوضع الراهن لا يوجد أي وضوح للرؤية، وما يهمنا الآن هو وقف القتل والتدمير اللذين تشنهما إسرائيل على قطاع غزة حتى يستطيع الشعب الفلسطيني أن يلملم جراحه، ولم يتم شيء بعد، ولكن طُرحت أفكار بأن يذهب وفد فلسطيني وإسرائيلي إلى القاهرة للتحاور هناك، ونحن حتى اللحظة نتباحث هذا الأمر ولم يحسم هذا التوجه بعد.
وعن سبب زيارته الحالية للمملكة، قال أبومازن إن "سبب مجيئنا إلى المملكة لأننا ندرك ثقل المملكة إقليميًا ودوليًا والدور الهام الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين في المنطقة، وحتى نشرح له بالتفصيل الأوضاع وكل ما يدور حول قضيتنا اليوم، ونحن نعلم تمامًا أن خادم الحرمين الشريفين لديه تصور كامل عن الأوضاع الراهنة وما يحصل في غزة، ولكن على أقل تقدير نريد أن نقدم وجهة نظرنا فيما حصل من البداية إلى الآن وهو السبب الأساسي لزيارتنا اليوم".
وأضاف الرئيس الفلسطيني "وأردنا أيضًا أن نقدم الشكر لحكومة المملكة على الدعم السخي الذي أرسل من قبل خادم الحرمين الشريفين الذي وقف مواقف نبيلة حيال الشعب الفلسطيني عمومًا وما يجري في غزة على وجه التحديد، وأيضًا هناك دعم آخر جاء في جنيف نتيجة لاجتماع مجلس حقوق الإنسان، إذ كادت لجنة تقصي الحقائق أن تفشل، لأنه لا يوجد تمويل لها، فقالت المملكة فورًا (نحن نتحمل تمويل هذه اللجنة)، ونحن دائمًا حريصون على وضع المملكة في صورة كل ما يجري، ومن هنا أيضًا جئنا نستمع لمشورة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأننا ندرك تمامًا ما تمثِّله المملكة من وزن ودور استراتيجي في المنطقة والعالم، من أجل تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وفي كل الأحوال اعتدنا أن تكون المملكة حاضرة في كل صغيرة وكبيرة في القضية الفلسطينية".
وحول كيفية مواجهة حكومة الوفاق هذا التصعيد الإسرائيلي قال أبومازن: "نحن نواجه مشكلة كبيرة جدًا، وهذه المشكلة معروفة بالأساس، وهي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لا يريد الوحدة الوطنية ولا حكومة الوفاق الوطني ولا يريد أي حل سياسي، هذه هي الأولويات والعناوين التي يضعها نتنياهو لنفسه، وهي الغطاء الحقيقي لكل ما يجري في قطاع غزة من عدوان".
وعن أبرز سيناريو يتوقَّعه الآن للخروج من هذه الأزمة، قال أبومازن: "أهم شيء لدينا الآن هو السعي لوقف إطلاق النار والقتال والتدمير، لأن من لم يرَ ويشاهد ما جرى في غزة على أرض الواقع لن يصدِّق ما يحدث فيها، فكلما حصلت هدنة لساعة أو ساعتين فقط يكتشف خلال هذه المدة الزمنية القصيرة مئات الجثث تحت الأنقاض، هذا عدا ما تم حسابه حتى الآن، ولذلك تجاوز عدد الضحايا حاجز الألف شهيد، وأكثر من ستة آلاف جريح، بالإضافة إلى آلاف البيوت المدمَّرة بالكامل".
وأضاف الرئيس الفلسطيني: "وإذا أضفنا هذا التدمير إلى ما حصل في 2012 و2008 سيتضِّح الوضع المؤسف في قطاع غزة وحجم الدمار الذي حلَّ علينا".