بالصور| "الوطن" على "قضبان الموت".. كوارث يرتكبها "الإهمال"
على قضبان ما زالت رائحة دماء ضحاياها تفوح، وأشلاء أجسادهم الملطخة بالدماء راسخة بالذاكرة، وقطارات تسير على هذه القضبان وحملت مسافرين أصبحوا شهداء وسوف تحمل أكثر بقدر عدم المسؤولية، وفي ظل سقوط المزيد من ضحاياها بين إشارات مزلقانات مفتوحة وقطارات متهالكة دون تجديد ولا إحلال لقطارات "تفرم" من تصادفه، فالراكب أدنى آماله قطارًا يحترم آدميته في رحلة آمنة ولكن "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه"، فقد قامت "ثورتان" وتعاقبت حكومات على السكة الحديد دون أن يطرأ عليها أي تغيير، بل الوضع يزداد سوءًا والإهمال الحكومي يستمر من الإدارات التي تتغيَّر بكل حادثة دون تطوير للسكك الحديدية والقطارات المتهالكة، ولعمال المزلقانات نصيب كبير من المسؤولية. [SecondImage]
"الوطن" ترصد كارثة كادت تنفجر في ثوان معدودة في قلوب أهالي قرية شطورة، مثلما حدث بمركز منفلوط بمحافظة اسيوط، بعد أن قبضت يد الإهمال أرواح 52 تلميذًا من مجموع 70 تلميذًا، حين لاحظوا مرور القطار دون أن يغلق مزلقان السكة الحديد وعلى حسب شهود العيان قالوا إن أكتر من 250 مواطنًا على الأقل يعبرون المزلقان يوميًا.
"كنت هموت تحت القطر" كلمات قالها (أ.م) 19 عامًا، مواطن من شطورة، حينما رأى القطار بسرعة قادم عن بعد فلاحظ عدم إغلاق المزلقان، فقرر أن يتجه فورًا إلى العامل الموجود داخل مكتبه مسرعًا ومحذرًا المواطنين "محدش يعدي.. السكة مفتوحة والقطر جاي بسرعة".
تتكرر المأساة بمحافظة أسيوط بعد أن اصطدمت حافلة مدرسية بأحد القطارات المتجهة من محافظة أسيوط إلى القاهرة بمزلقان سكة حديد قرية الحواتكة، بعد أن مر السائق بالمزلقان فوجئ بالقطار يدهسه ويحول الأتوبيس إلى كتل لحمية ممزوجة بحديد الأتوبيس، وراح ضحية الحادث سائق الأتوبيس وحوالي 50 طالبًا وأُصيبت المشرفة وأكثر من 10 طلاب تم تحويلهم إلى العناية المركزة والعمليات لخطورة حالتهم. [ThirdImage]
كاد أن يتكرر نفس الألم والحسرة في أهالي قرية شطورة، بعد أن أصبح طريق الموت مفتوحًا أمامهم بطريقة مباشرة، " أيوة بصراحة القطر عدَّى والمزلقان كان مفتوح.. ومش أول مرة تحصل ده اتكررت كتير" كلمات خرجت بخوف من عامل مزلقان السكة الحديد حينما أوضح، لـ"الوطن"، عدم إغلاق المزلقان، وتابع أن "السكة الحديد من المتوقع حدوث أي شيء منها.. لأن مشاكلها كثيرة".
وأضاف العامل: "أنا أعمل إيه؟ وهوجِّه سؤالي لمين؟ وأبلغ مين؟ هما أصلا مش بيلغوني"، بنظرات تحمل الحزن وقلة الحيلة في عيون الرجل الثلاثيني، يوضح أن السبب في عدم إغلاق المزلقان عدم تبليغه بمجيء القطار، مضيفًا أن القطار قادم بسرعة ولا يعلم أن المزلقان مفتوح أمامه أم لا وممكن يدهس كل من يمر أمامه، "محطة السكة الحديد مستني منها إيه ده من أيام الإنجليز محدش بص عليها"، حسب كلامه.
وطالب أهالي شطورة بتطوير مزلقان السكة الحديد، بل المحطة بالكامل، وقال "أحمد الشطوري": "إحنا عايزين المزلقان يكون كمبيوتر زيه زي باقي المحطات التانية"، وتابع أن المحطة لا تليق ببلد مثل شطورة التي يسكنها أكثر من 95 ألف نسمة، بينما طالب "عمر عسكر الشطوري" بإنشاء مزلقان إلكتروني جديد بالمحطة وتشغيله 24 ساعة حتى لا تتكرر كوارث آخرى.
"ولسه ياما هنشوف.. ده أقل حاجة من السكة الحديد".. كلمات خرجت من أحد العاملين بالسكة الحديد الذي رفض عدم ذكر اسمه، قائلًا: "والله بجد هيئة السكة الحديد كلها فساد وإحنا مش بإيدينا حاجة لو مات حد هنعمله إيه مفيش أي تطورات".