مأساة جديدة تضاف إلى سجل المأسي، التى ترتكب من الكثيرين من أفراد طواقم برامج التوك شو، هذه المأساة هي التبرع او التطوع بالقيام بترويج مجاني للجماعات الإرهابية والإجرامية!
تابعنا مؤخرا ـ ما تكرر عشرات المرات خلال الأشهر الماضية، السباق الرهيب من غالبية برامج التوك شو على عرض لقطات فيديو بثتها عناصر إحدى الجماعات العميلة المجرمة على شبكات التواصل الإجتماعي لما قالت إنها عمليات إستهداف لعناصر من القوات المسلحة فى عملية " خسيسة "، تسابق الجميع، بلا ادني وعي، للحصول علي لقب من الذى سيحصل على لقب أكثر البرامج عرضا لتلك الفيديوهات، وتابعنا شاشات بعض البرامج وقد أعادت عرض اللقطات عشرات بل مئات المرات!
أكثر من هذا فقد تابعنا كثير من السادة مقدمي تلك البرامج وقد تحولوا إلي ضباط مباحث، وخبراء أدلة جنائية .. وشاهدنا من بينهم من أصبح محللا ومستنتجا لخفايا اللقطات واماكن تصوير اللقطات ومن هم الجناة، وتابعنا من قرأ أرقام اللوحات المعدنية الواضحة لسيارة أجرة كانت متوقفة فى خلفية مشهد من تلك اللقطات، وهو يقول موجها كلامه لأجهزة الشرطة علي الهواء مباشرة : " لازم بقي الشرطة والأجهزة السيادية تاخد بالها من رقم اللوحة المعدنية للسيارة المتوقفة فى المشهد وانا بأعيد رقم العربية تاني " .. واعاد قراءة رقم السيارة الواضح بالفعل فى الصور!
وكأن الشرطة أو الأجهزة السيادية فى حاجة إلى توجيه من هنا او هناك لتحليل وقراءة مكونات اللقطات، التي تم بثها قبيل بدء مواعيد إذاعة برامج التوك شو بأكثر من 12 ساعة!
وكأن، العملاء أعضاء تلك الجماعة المأجورة التي بثت الشريط، اغبياء إلي هذه الدرجة، بحيث يتركون دليلا واضحا وضوح الشمس كي يرشد عنهم ويوقعهم فى إيدي الشرطة والأجهزة الأخري!
أكثر من هذا فقد تابعنا بعض البرامج، وفى ذات الإطار، وقد لجأ صناعها إلي ما يقولون عنه بالعامية فى هذا المجال " فتح التليفونات"، وبدأوا يجرون إتصالات هاتفية على الهواء مع من يطلق عليهم " خبراء امنيون ومحللون إستراتيجيون ومتخصصون في الجماعات المتطرفة "، ومن بين البرامج من أعلن مقدمه أن البرنامج يستقبل تعليقات المشاهدين على تلك لقطات الفيديو!
ولمن لا يعرف، فإن حيلة فتح التليفونات يتم اللجؤ إليها فى بعض برامج التوك شو لتجاوز مشكلة عجز السادة المذيعين وطواقم الإعداد الخاصة بهم علي الإسهام بمزيد من "اللت والعجن" خصوصا فى مثل تلك الحالات خلال إعادة إذاعة اللقطات من ناحية، وللإيحاء بإتساع رقعة المشاهدة والتجاوب الجماهيري من جانب آخر، وبدأنا نسمع أسئلة سخيفة من بعض مقدمي البرامج، وإجابات اكثر سخافة من بعض المدعين بأنهم محللين وخبراء امنيين، وبدأنا نسمع كذلك فواصل طويلة من النواح واللطم على الخدود، حزنا على ما يتعرض له الضحايا من أبنائنا بالجيش والشرطة على إيدي أعضاء تلك الجماعات العميلة!
أي فكر هذا .. وأي وعي ذلك الذي يحكم أولئك المسئولون عن تكرار إذاعة هذه اللقطات مئات المرات ؟ .
أليس هناك قدرة على تخيل وقائع الحرب الدائرة بين الجيش والشرطة مع هذه الجماعات، هل يعتقد البعض ان شهدائنا يلاقون وجه المولي تبارك وتعالي بهدؤ ودون وقائع تدمي القلوب؟
ألم يسأل احد، من مسئولي هذه البرامج، نفسه عن المستفيد من هذا الترويج الإعلاني المجاني الذى لو أرادت تلك الجماعات العميلة أن تنفق عليه ملايين الدولارات التي تحول إليهم من أعداء مصر كي ينتشر بهذه الطريقة لعجزت ؟!
يا صناع البرامج .. أمركم عجيب جدا ومريب .. فأنتم تحددون قيمة مالية بعشرات الألوف، وفى بعض الأحيان بمئات الألوف من الجنيهات، للإعلان عن منتج أو مشروع جديد لمدة لا تتجاوز دقيقة علي الشاشة، فى ذات الوقت تتحولون إلي أبواق دعاية " بلا مقابل " لجماعات عميلة تستهدف كيان هذا البلد بأبنائه وانتم منهم !
ألم يسأل أحدكم نفسه عن الرسالة او الإنطباع الذى سوف يستقر فى ذهن من يشاهد هذا العرض المتواصل لهذه الفيديوهات .. هل تخيلتم للحظة واحدة ما هو رد فعل أعضاء تلك الجماعات وهم يشاهدونكم وانتم تقدمون لهم خدمات جليلة تشد من أزرهم وتدفعهم للخروج من حالة اليأس التي اصابتهم جراء الضربات والملاحقات الأمنية المؤثرة !
إنني لست مع التعتيم أوالتجاهل الإعلامي لتناول أو عرض مثل هذه الفيديوهات، ولا أأت بجديد عندما أقول أن هناك قواعد وضوابط تحدد طرق عرض وتناول مثل هذه النوعية من الأخبار والفيديوهات.