«الوطن» فى منزل شهيد حرب أكتوبر بعد العثور على رفاته أثناء حفر قناة السويس الجديدة
مثل أى مواطنة مصرية.. انقضى يومها وجلست تتابع التليفزيون.. برامج لا تختلف عن بعضها البعض.. شعرت بالملل.. أمسكت بالريموت.. راحت تُقلب وكانت المفاجأة.. اسم والدها الذى لا تعرف عنه شيئاً سوى أنه استُشهد فى حرب أكتوبر 1973 يذكره المذيع.. يقول الخبر إن عمال الحفر فى مشروع قناة السويس الجديدة عثروا على رفات شهيد، وذكر اسم والدها، وأنه تم التعرّف عليه من خلال «نحاسة حديدية يضعها المجندون على ملابسهم فى الجيش.. الدهشة سيطرت عليها.. لم تصدق.. نادت من بالبيت ليصيب الذهول وجوه الجميع.. سريعاً اتصلت الفتاة بأسرة البرنامج، وقالت إن الشهيد والدها.. ولديها كل الأوراق التى تثبت ذلك.. هكذا بدأت قصة عودة رفات الشهيد محمد حسن عطوة إلى حضن أهله الذين لم يظنوا على الإطلاق أنهم سيعثرون عليها بعد أن تسلموا نعى وزير الحربية فى ذلك الوقت، الذى عرفوا من خلاله أن ابنهم فى ذمة الله.
41 عاماً انقضت، رحل والدا الشهيد من الدنيا دون أن يعرفا مصير ابنهما، كانت الدعوة التى لم تفارقهما أن يرد الله الغائب.. استجاب الله للدعاء بعد كل هذا الوقت ليستقر الرفات إلى جوار الأب والأم.
هكذا قالت «إيمان» ابنة الشهيد بعد أن تجمعت الأسرة فى بيت عائلة «عطوة» بقرية «طوخ الأقلام» قبل أن يتفقوا على لقاء المستشار العسكرى لاسترجاع رفات الشهيد الذى طلب منهم الانتقال إلى قيادة الجيش بالإسماعيلية لاستكمال إجراءات إعادة الرفات.
أمام منزل العائلة تجمهر أهالى القرية.. لا يعرفون ما يقولون للأسرة.. التهنئة واجبة، لكن الحزن أيضاً سيد الموقف، وكان قرار الأسرة أن يوم عودة رفات الشهيد يوم عيد عندهم.
أضافت «إيمان»: «كنت سعيدة جداً وقت الإعلان وأسرعت واتصلت بالتليفزيون وعرّفتهم أن والدى هو الشهيد، وأن هذا فخر لى وفخر لمصر كلها، فقد استُشهد وهو يقاتل اليهود، وكل ما أتمناه الآن هو استعادة رفات والدى ودفنه وتكريمه».
السيد حسن عطوة، شقيق الشهيد، 58 سنة، قال: «أخى تم تجنيده بالقوات المسلحة عام 1972، وبعد أن قضى فترة تدريبه تم ترحيله إلى الهايكستب، ضمن أفراد سلاح المركبات كسائق، وظل فى القوات المسلحة، ولم ينزل للقرية لمدة 4 أشهر كاملة ووصلتنا رسالة منه فى أول أيام رمضان سنة 1973، أخبرنا فيها أنه سيحصل على إجازة قريباً بعد أن ينتهى من مأمورية، واختفى بعدها ولم نعرف عنه شيئاً.. انتظرنا عودة أخى لكنه لم يعد، سألنا عنه فى وزارة الحربية وقتها، فقالوا لنا: اعتبروه مفقوداً، وظل الأمر حتى عام 1973، وأخبرونا أنه استُشهد».
وقال إن القرية استُشهد من أبنائها 8 أفراد، وعادت جثثهم إلى القرية وتم دفنهم ما عدا شقيقى، وهو ما زاد من حزن أمى وأبى حتى إن أمى ماتت كمداً عليه.
وقال «ظللنا سنوات نحاول أن نحصل على معاش الشهيد، وفى عام 1976، وكان وقتها 170 قرشاً، ولكن فوجئنا بعد ذلك بالقوات المسلحة تطالبنا بمبلغ 27 جنيهاً عجزاً فى مهمات الشهيد، وبالفعل ظل أبى يُسدد فى المبلغ لسنوات».
هناء حسن عطوة شقيقة الشهيد: «أنا حاسة بفرح إن أخويا رجع لى.. كان عمرى 8 سنوات حين مات أخى، وكانت بنته الصغيرة (إيمان) عمرها سنة واحدة، وظلت زوجته حمدية عطا عبدالفتاح تربى بنتها، ورفضت الزواج إلى أن ماتت العام الماضى».
وقالت «أمنيتى وأمنية أهله أن يتم تكريم الشهيد وأن يتم إطلاق اسمه على أى مصلحة حكومية داخل القرية، بحيث يعرف أبناء القرية بطولته، وأنه مات شهيداً وهو يدافع عن مصر».