"الوطن" تكشف ضحية جديدة للإهمال الطبي في الأقصر.. والجاني "منظم أكسجين"
لم يكن يعلم الشاب خالد عبد الكريم البطيخي، أن عدم وجود منظم جهاز الأكسجين بمستشفى إسنا المركزي، جنوب الأقصر سيكون سببًا في وفاة والدته، الطاهرة محمد السيد (59 عامًا) التي أبت أن تفارق الحياة دون أن تنضم لأرقام سجلات ضحايا الإهمال الطبي بالمستشفيات الحكومية .
يقول "البطيخى": "والدتي لم تكن تعانى من أي أعراض مرضية في السابق، إلا أنها بذلت بعض المجهود في المنزل، حيث شعرت بالتعب وعدم القدرة على التنفس بشكل جيد، فاصطحبتها أنا وبعض أفراد عائلتي، وأخبرنا ممرض بمستشفى إسنا أن حالتها مستقرة وتحتاج جلسة لبضعة دقائق على جهاز الأكسجين وستقوم على قدمها لتعود للمنزل" .
وأضاف: "ذهبت بوالدتي للطبيب المختص، حيث جلست على السرير بغرفة العلاج، وانتظرنا لبضع دقائق حتى يقوم بتركيب جهاز التنفس، إلا أن الممرضة أخبرت الطبيب أنه لا يوجد منظم لجهاز الأكسجين، فتحول قلقي على والدتي إلى فزع وخوف وأخذت أصرخ بصوت عال (أمي بتموت اتصرفوا في منظم اعملوا حاجة) إلا أن الجميع ظلوا صامتين واخبرتني الممرضة أنه لا يوجد أي منظم بالمستشفى وأن الأطباء يعلمون بذلك" .
وتابع البطيخي: "مرت الدقائق كالدهر وأنا أشاهد أمي تشير لي بيدها من أجل إنقاذها وأنا عاجز عن فعل أي شيء والطبيب محلك سر، ما جعل أقاربي يشتبكون معه لفظيًا، وما هي إلا دقائق قليلة حتى جاءني أحد أقاربي خارج الغرفة وضرب يديه على كتفي قائلًا (شد حيلك يا خالد والبقاء لله أمك ماتت) فجُن جنوني ودخلت محاولًا الحديث مع أمي، لدي أمل أن تكون غيبوبة قصيرة، ربما تفيق بعدها ولكن أجل الله قد نفذ وماتت أمي بسبب عدم وجود منظم لا يساوى جنيهات قليلة، وإهمال جسيم من إدارة مستشفى تخدم نصف عدد سكان المحافظة تقريبًا، حيث إن مدينة ومركز إسنا يتعدى سكانها نصف مليون شخص" .
واستطرد نجل الضحية: "خرجت للطبيب وقلت له أديت مهمتك يا دكتور هو ده القسم اللي اقسمته لما اتخرجت، إلا أنه فر مسرعًا خشية فتك أقاربي به، وحاول بعض أقاربي إقناعي بتحرير محضر إلا أن أحد العاملين بالمستشفى قال لي (روح خد الجثة وادفن أمك بدل البهدلة في النيابات والمحاكم ده من مصلحتكم)".
وأكمل قائلًا: "ولأن إكرام الميت دفنه قررت الإصغاء لنصائح هذا الموظف وأخرجت والدتي التي دخلت المستشفى تعاني بعض الإرهاق وخرجت على نقالة الموتى" .
وطالب البطيخي بفتح تحقيق في الواقعة، مشيرًا إلى أن هناك عدة وقائع أخرى مشابهة حيث توفى جاره بالمستشفى بسبب عدم وجود جهاز تنشيط القلب أيضًا .
وحاولت "الوطن"، التواصل مع مدير المستشفى إلا أنه لم يرد على الاتصالات المتكررة .
وأكد طبيب بالمستشفى- رفض ذكر اسمه- أن المستشفى عبارة عن "خرابة كبيرة" وينقصه الكثير من الأجهزة وغير مستعد لاستقبال الحالات الحرجة، مشيرًا إلى أن الأطباء قد ملوا من المطالبة بإحضار الأجهزة الناقصة .
وقال الطبيب، إن زملائه أصبحوا في " وش المدفع"- على حد وصفه- ويتعرضون لاعتداءات متكررة وبصفة يومية من أهالي المرضى الذين لا يقدرون أن الوضع الحالي خارج عن إرادتنا كأطباء .