باعة "رمسيس" قبل الفض بيوم: "اتخرب بيتنا.. وأولادنا ليهم رب"
زحام لا ينقطع، ضجيج هنا وهناك، أصوات تتعالى لتستقر كلماتها في أذن المار الذي ينتعش فرحًا بأسعار لم تعد موجودة في زمننا هذا، يقترب حذرًا حتى لا تطغى فرحة الأسعار على ملامحة فلا يجد ما يريده، وما بين ثرثرة البائعين، وترقبهم من الأوضاع الحالية، يقفون مندهشين لا يحركون ساكنًا، وكأنه على رؤوسهم الطير، ناظرين إلى غد لم يظهر تغيرا جذريا لأحوالهم.
قرار نقل الباعة الجائلين إلى جراج الترجمان، لم يشغل بال باعة رمسيس، حتى أمس، فقد وعدهم مدير الأمن بتقنين أوضاعهم، وبقاء الحال على ما هو عليه معهم، لكن خروج الحكومة بقرار فض ميدان رمسيس من الباعة الجائلين، غدًا، كان بمثابة صاعقة أنذرت بانهيار وشيك يفتح براثنه ليلتهم الباعة المذعورين خائفين من القرار، الواصفين إياه بـ"خراب بيوت مستعجل".
[FirstQuote]
انقسام باعة ميدان رمسيس إلى قبيلتي "البداروة" من محافظة أسيوط، والأخرى من "جهينة" من محافظة سوهاج، أضفى على الميدان سيطرة أسرية من قبلهم، والذين تجمعوا على كلمة رجل واحد بأن قرار نقلهم لن يرضي أحدًا منهم.[SecondImage]
"بعد 25 سنة واقف ببيع هنا أتنقل وأسيب مكاني، وهناك مافيش ناس هنتنقل هناك نعمل إيه" محتجا قالها عم رجب صاحب الخمسين خريفا، الذي يمتلك "فرشتين" أولى لـ"الولاعات"، وأخرى للأحذية، ويضيف "كل حاجة في البلد بقت عافية، العنف يولد عنف"، مؤكدًا وجود عدد كثير من الحلول، أهمها الحدائق المنتشره في أرجاء الميدان، والتي تعد ملجأ للمتشردين والذين لا يجدون مأوي لهم، من الممكن تحويلها إلى باعة جائلين، وتوسعه الطرقات للسماح للمارة بالعبور.
[SecondQuote]
"المحلات العالمية اللي هناك قفلت"، وصف حال جراج الترجمان على لسان عم رجب، ليؤكد وجود ما يقرب من 28 مليون بائع متجول وأسرهم ستقطع أرزاقهم، حسب تقديره، موضحًا ضرورة الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.
"بيضايقونا علشان لما البلدية بتيجي بيدخلوا علينا المحلات"، كلمة قالها نبيل العامل بأحد المحلات بميدان رمسيس، مضيفًا أن ضرر الباعة الجائلين سيكون كبيرًا نظرًا لعدم وجود نفس عدد الأشخاص الذين يبتاعون منهم يوميًا، أما عن حال الطريق، فقد أوضح أن نقلهم سيوفر للمارة مساحة جيدة للعبور وعدم مضايقتهم بالزحام غير المنتهي.
فيما قال "مينا" أحد الباعة الجائلين إن المساحات التي خصصت للباعة الجائلين في جراج الترجمان لن تكفيهم لبيع سلعهم، مضيفًا أن الحكومة خصصت ميعاد الترجمان من الساعة 10 صباحًا إلى 5 مساءً، بعدها يجب ترك البائع لمكانه وأخذ بضاعته معه، موضحًا أن من يشتري منهم سلعهم هم "العسكري، واللي جاي من الفلاحين، ولو اتنقلنا مش هيجيلنا الزباين، علشان مش هيدفعوا 10 جنيه للتكاتك علشان توصلهم عندنا".
[ThirdQuote]
"لو القرار اتنفذ بالعافية هنقعد في بيوتنا، ووجودنا في الترجمان أكبر خراب"، يبدأ يحيى وصف حاله بعد قرار إخلاء ميدان رمسيس، ليضيف أنه في حالة تنفيذه سيحل تبعات القرار مصائبه عليهم تباعًا، مرسلًا رسالة إلى أولادة الـ 5 قائلًا: "ليكوا رب اسمه الكريم، بعد خراب بيوتنا".
"اللي وصل للإعلام أن البياع هيستخدم القوة، وده مش هيحصل"، كان رأي عبدالله الرجل الخمسيني، ليضيف أنه في حالة إجبار البائع على رفع بضاعته، "هيرجع يفرش تاني، لأن العملية مش مدروسة كويس"، مؤكدًا عرض حلول عدة على الدولة، "لكن محدش بيسمعلنا".
"موقف عبود اتنقل بقاله 15 سنة، ولحد دلوقتي الناس بتسأل فين موقف عبود"، كان رأي عم سيد في قرار نقل الباعة إلى الترجمان، والذي شبهه بنقل جراج عبود، الذي لم يحفظ مكانه أشخاص كثيرون، معتبرًا قرار النقل "دفن للبائع" واندثار لذبونه الذي سعى لجذبه سنوات عديدة.