بعد الكثير من الترقب والتكهنات بشأن تطورات أزمة قطر ومجلس التعاون الخليجى، جاءت النتائج المعلنة عن اجتماع وزراء خارجية الأخير لدول المجلس، لكى تضيف المزيد من الإبهام، حول مسارات هذه الأزمة وآليات حلها أو تجاوزها، حيث صرح وزير الخارجية الكويتى بأنه «قد تم الاتفاق على وضع أسس ومعايير لتجاوز الخلافات فى أقرب وقت ممكن، والتأكد من إزالة كل الشوائب» مع عدم الإشارة إلى عودة السفراء إلى الدوحة، أو تحديد موعد زمنى جديد، لوضع حلّ نهائى للأزمة. فى الوقت الذى لم تظهر فيه قطر أى مؤشرات فعلية للاستجابة للمطالب أو الشروط التى وضعت لعودة السفراء.
فى وقت سابق كانت قد راج الكثير من الأنباء عن مواقف حازمة تقودها المملكة السعودية قد تشمل تجميد عضوية قطر فى مجلس التعاون أو فرض عقوبات تدرجية عليها تشمل إغلاق الحدود البرية والمجال الجوى وغير ذلك، بعد سلسلة من التفاعلات التى تم التعبير فيها عن القلق والرفض للعديد من السياسات والمواقف القطرية، شملت سحب كل من السعودية والإمارات والبحرين لسفرائها من الدوحة فى مارس الماضى، على خلفية اتهام الدول الثلاث الدوحة بعدم تنفيذ اتفاق وقع فى الرياض فى نوفمبر 2013.
اتفاق الرياض الذى لم يتم إعلان تفاصيله رسمياً، كان يقضى «بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات، أو أفراد، سواءً بالعمل الأمنى المباشر، أو بمحاولة التأثير السياسى، وعدم دعم الإعلام المعادى»، الأمر الذى كان يعنى فى التطبيق العملى امتناع قطر عن دعم أى جماعات إرهابية، بما فى ذلك «الإخوان المسلمين»، التى تصنفها دول خليجية على أنها جماعة إرهابية، والحوثيون فى اليمن، ووقف التجنيس القطرى للبحرينيين.
ونتيجة الخشية على تماسك مجلس التعاون بادرت الكويت، التى كانت قد امتنعت عن سحب سفيرها من الدوحة؛ لكى تكون مؤهلة لتقريب وجهات النظر، إلى القيام بجهود للوساطة، أسفرت عن التوصل إلى آلية لتنفيذ اتفاق الرياض فى أبريل الماضى. غير أن قطر تهربت من التوقيع على تقرير اللجنة المكلفة بمتابعة التنفيذ.
إحدى الصحف المدعومة قطرياً، اعتبرت أن نتائج الاجتماع الأخير تعبر عن الاتجاه إلى تبريد الأزمة أو تجميدها، لصالح التركيز على التهديدات الإرهابية الأكثر خطورة التى تواجه دول المجلس.
غير أنه من الواضح أن عدم اتخاذ مواقف حازمة ضد قطر ومواقفها كان مبعثه الأساسى ضيق الخيارات المتاحة أمام الطرفين فى الوقت الحالى، حيث قام حاكم قطر بزيارتين للمملكة السعودية طوال فترة الأزمة تعبيراً عن الرغبة فى تحاشى التصعيد، وفى الوقت نفسه لم تكن الدوحة عازمة على تغيير مواقفها، إذ إن هذا سوف يعنى عودتها إلى الحظيرة السعودية، التى يرى كثير من المراقبين أن معظم تحركات قطر المحمومة خارجياً كان دافعها الأساسى السعى إلى تجاوز المعادلة التى حكمت علاقتها بالرياض منذ نشأة قطر، والتى كانت تتسم «بالتبعية وعدم الندية».
وفى الوقت نفسه ربما وجدت الرياض أن الاستمرار فى الضغط عبر تجميد عضوية قطر أو غير ذلك من إجراءات قد يواجه بتحفظ من سلطنة عمان، التى لا ترغب فى أن تكون طرفاً فى صراعات أو أزمات، كما قد تدفع قطر إلى الارتماء فى أحضان إيران وتوثيق علاقاتها بشكل أوثق مع تركيا والتنظيم الدولى للإخوان.