يعانى الاقتصاد والمجتمع أزمة مستعصية بسبب سياسات وقرارات استمرت لأكثر من أربعين عاماً، بحيث بدا الموقف عشية ثورة 25 يناير شديد الصعوبة والتعقيد، وتفاقمت الأوضاع على مدار السنوات الثلاث التالية، والسؤال الآن كيف يمكن أن يواجه رئيس مصر هذا الميراث الصعب وهذه التركة الثقيلة؟
نظن أن البداية الصحيحة تتمثل فى القدرة على تشخيص المشكلات، ثم وضع الأهداف والوسائل الكفيلة بحل هذه المشكلات، فى ظل متغير جديد طرأ بعد الثالث من يوليو عام 2013 وتمثل فى دخول الدولة والمجتمع المصرى فى حرب وصراع سياسى وعسكرى مفتوح ضد قوى إرهابية وتحالف دولى وإقليمى عريض معادٍ للدولة المصرية وثورتها الثانية التى اندلعت فى الثلاثين من يونيو عام 2013.
أولاً: يعانى الاقتصاد من مجموعة اختلالات هيكلية خطيرة، لعل من أبرزها: اختلالات هيكلية فى قطاعات الإنتاج السلعى (الصناعة - الزراعة - الطاقة - الكهرباء)، ثم فى الهيكل المالى (الموازنة العامة للدولة). وفى السياسة النقدية والمصرفية، علاوة على السياسات الأجرية، والمعاناة من فساد مقنن ومنظم، وانهيار قطاعات الخدمات الاستراتيجية من تعليم، لصحة، لبحث علمى، حجم بطالة من أعلى المعدلات فى العالم (22% إلى 24% من القوى العاملة). انفلات الأسواق وهيمنة القوى الاحتكارية على مجالات متعددة.
ثانياً: يحتاج تحديد الهدف إلى البدء فى سياسات معالجة هذه الاختلالات، وتوفير التمويل الضرورى، وتحدى عنصر الوقت، وإعادة توزيع الأدوار (الحكومة - القطاع الخاص - القطاع التعاونى)، ثم معالجة البيئة الإقليمية والدولية، بحيث تكون معاونة أو محايدة أو هما معاً.
وثالثاً: تحل الوسائل والإجراءات المطلوبة وبعضها يحتاج إلى تمويل (كيف نديره؟)، والبعض الآخر يحتاج تعديلات تشريعية فورية (القوانين المفسدة - قوانين الضرائب بأنواعها)، وبعض هذه الوسائل والإجراءات تحتاج رؤية وسياسات جديدة تماماً (الدعم - الثروة المعدنية - قطاع البترول والغاز - الأجور والمرتبات)، وأخيراً هناك وسائل وإجراءات ستكون ذات أولوية يتبعها أخرى، وهناك إجراءات ستسير بالتوازى مع بعضها البعض.
رابعاً: ينبغى أن تترتب السياسات والإجراءات، وفقاً للأولويات التالية.. إعادة النظر فى البنيان الوزارى، بحيث يساعد فى تنفيذ السياسات وتحقيق الأهداف، وأبرزها تجانس المجموعة الوزارية الاقتصادية، وتكامل عمل المجموعة الوزارية الاقتصادية، مع التخفيف من عبء بعض الوزارات التى تقوم بأدوارها كيانات أخرى (وزارة التنمية الإدارية - وزارة التنمية المحلية - وزارة العدالة الانتقالية)، وأخيراً تعزيز عمل وزارات أخرى مثل وزارة الخارجية (وزير دولة لشئون أفريقيا).
أخيراً تأتى عملية إعادة هيكلة السياسة المالية والموازنة العامة للدولة. والموارد والإيرادات فلها حديث آخر.