■ حضرت الأسبوع الماضى فعاليات المؤتمر العربى الثانى للحد من مخاطر الكوارث فى شرم الشيخ بتنظيم من الأمم المتحدة وبرعاية مجلس الوزراء المصرى. جعلتنى المعلومات المتداولة فى المؤتمر فى حالة تأهب للتحذير من حالة توهان نحياها فى عالمنا العربى بين شأن دولى قرر إعادة تقسيم رقعة اللعب مجدداً، وشأن داخلى لا يعى أبعاد الرؤية ولا يجيد التصرف معها. أضع أمامكم بعضاً من تلك الأرقام لا لتدركوا حجم الخطر وحسب ولكن لتعلموا كيف يدرسونكم فى الخارج وأنتم نائمون. خذ عندك يا سيدى.. بات عدد السكان فى العالم العربى 361 مليون نسمة، 90% منهم يعيشون على مساحة لا تتجاوز 4% من إجمالى المساحة البالغة 1.4 بليون هيكتار، ولا نزرع من تلك المساحة سوى 14.5% فقط ستتناقص 21% بحلول عام 2080! ونواجه النقص فى إنتاج الغذاء الذى نحتاج له باستيراد 70% من طعامنا! وتتصدر مصر قائمة الدول المستوردة للقمح فى العالم. ورغم إدراكنا لأزمة نقص المياه التى نحياها فإننا لم نفعل حتى الآن ما ينبئ بمحاولتنا مواجهة تلك الأزمة التى تعرض 17 دولة عربية لخطر التصحر. هذا واقعنا فى حارتنا العربية المشغولة بأكل بعضها دون الالتفات لغد سرعان ما سيأتى ونحن كالعادة لم نخطط له.
■ يكثر الحديث فى هذه الأيام عن ضرورة الإفراج عن أحمد دومة لسوء حالته الصحية بسبب الإضراب عن الطعام الذى بدأه منذ فترة احتجاجاً على حكم المحكمة بحبسه 3 سنوات فى أول قضية لخرق قانون التظاهر. وأتساءل: ألا يُعد الإضراب عن الطعام اختياراً شخصياً؟ أليس من الأفضل تطبيق القانون بحسم بضرورة الحفاظ على صحة المساجين والمتهمين بالإشراف الطبى لهم وإيداعه مستشفى السجن للاطمئنان على حالته؟ ألا نتذكر حدوتة الشاطر أيمن نور الذى لم يفتأ يطالبنا بالإفراج الصحى عنه لأنه على شفا موت بعد الحكم بحبسه فى قضية تزوير التوكيلات عام 2005؟ وحينما خرج علينا مورّد الوجه وصحة بمب مارس بقية مهامه التى تعاقد مع الخارج والداخل عليها ولا يزال؟ لا أعترض على الرحمة الإنسانية، بل أصر عليها وفقاً لرؤى القانون وبنوده.
■ أعشق الشهامة وأراها دليلاً على رجولة البشر فى السلوك لا بديل عنها، وأبحث عن الصدق وأدقق فيه فى عيون الإنسانية، وأراه أساساً للعلاقات. ولذا لم أقتنع بحديث الدكتور زويل وحزنه من هجوم الناس عليه فى لحظة مرضه الذى لم يستطع بسببه الوقوف بجوار بلاده وهى تتعرض للسفالة الأمريكية بعد ثورة 30 يونيو! وأسأله: ألم تستطع وأنت على فراش المرض إرسال سطرين لأوباما تعلمه فيهما برأيك وتأييدك لما يحدث فى مصر؟ ألم تستطع تقديم استقالتك كمستشار علمى له؟ ألم تستطع إصدار بيان من ثلاثة أسطر ترسله للصحافة العالمية بقيمتك تعلن تأييدك لبلادك ومواقفها؟ دعنى أحكِ لك موقف مواطن -قبل أن يكون فناناً- اسمه محمود مرسى قدم استقالته من الـ«بى بى سى» بعد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وأصر على العودة لمصر بسبب رفضه لما فعلته بريطانيا، ليعمل عند عودته فى الإذاعة المصرية. ولكنك تواريت عن الأنظار وانتظرت، وكان لديك الصحة فقط فى المجادلة فى جامعة النيل وتحدى القانون فيها وأنت الذى تعيش فى دولة القانون. وإذا فجأة كدهو ما شاء الله عادت لك الصحة والقدرة على الكلام والمؤتمرات الصحفية والندوات ودعوات الصحفيين للعشاء.. لم أرتح لاختيارك فى مجلس العلماء المصرى بل وتعجبت له. ولأننى لا أنسى أسألك: ماذا قدمت لمصر من أبحاث منذ استيلائك على جامعة النيل غير الكلام فى الإعلام؟
■ كلمة أخيرة: وتبقى مصر وطناً يسكن فينا لا نسكن فيه -كما قال مكرم باشا عبيد- يمنحنا الستر وعلينا أن نمنحه الرفعة.