أخطر شىء فى السياسة المعاصرة هو أن يقوم حاكم ما، وهنا أتحدث عن أى حاكم، بمخاصمة مرحلة تاريخية معينة بكل رموزها ومحاولة حذفها من سجل الأحداث والسعى إلى محوها من الذاكرة.
لذلك سعدت للغاية لقيام الرئيس الدكتور محمد مرسى بتكريم اسمى الرئيس السابق أنور السادات، القائد الأعلى للجيش المصرى، الذى حقق فوز أكتوبر، ورئيس أركان جيشه، الفريق سعد الدين الشاذلى، رحمهما الله.
لا يمكن أن نعود إلى الحالة الفرعونية البغيضة التى كان فيها عمال المعبد يقومون بإزالة رموز وكتابات عهد الفرعون القديم صبيحة يوم وفاته وبدء تدوين رسوم وكتابات عن الفرعون الجديد الذى تم تنصيبه.
العالم كله يعتز بتاريخه وبرموزه وبزعمائه ولا يحكم عليهم ولكن يترك للباحثين والكتّاب على مر الأزمنة والعصور أن يحددوا موقفهم منهم.
الثورة الفرنسية، وهى واحدة من أهم الثورات التى أثرت فى التاريخ الحديث، ما زالت حتى الآن قيد التداول بملوكها وكتّابها وفلاسفتها وثوارها ما بين التأييد والمعارضة وما بين الإنجاز والفشل وما بين الرؤى التقليدية والمراجعات النقدية.
لا يوجد من يملك وحده، دون سواه، الحق الحصرى فى الحكم على تاريخ وإنجازات الناس سواء كانوا حكاماً أو محكومين.
وأسوأ ما فى الحالة المصرية فى هذا المجال هو الثأر الفكرى والعملى من رموز بعض المراحل التاريخية.
هل تذكرون ماذا حدث للواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر، انتهى الأمر بالرجل أن يعيش فى أسوأ حالة معيشية رهن الإقامة الجبرية عقاباً له؛ لأنه قال وجهة نظر مخالفة لبعض قيادات مجلس قيادة الثورة؟!
هل تعلمون أن السيدة الفاضلة جيهان السادات ظلت لسنوات طويلة، منذ استشهاد زوجها، تناضل للحصول على حق معاش زوجها كقائد أعلى للقوات المسلحة حصل على أعلى نوط عسكرى؟
هل تعلمون أن الفريق الشاذلى وأسرته كانوا يعانون فى الحصول على حقوق الرجل المالية التى أقرها له القانون ونظام المعاش بالقوات المسلحة؟
بالطبع لن أحدثكم عما كُتب ظلماً وبهتاناً سواء على الرئيس السادات أو الفريق الشاذلى أو محمد نجيب أو رمسيس الثانى؟!
كل مَن جلس فى مقعد حكم مصر سواء كان فرعوناً أو شيخاً أو والياً أو سلطاناً أو ملكاً أو جنرالاً أو مدنياً له احترام الرئاسة لمصر، قبل أن يكون لشخصه، أما حكم التاريخ وحق المناقشة فهو مفتوح حتى قيام الساعة.