فى أى زمان ومكان، وفى أى رئاسة لدولة أو لحكومة أو لشركة، هناك مشكلات غير قابلة للحل على الفور وهناك ما يمكن إنجازه فور تسلم الإدارة الجديدة مقاليد الأمور.
مثلاً، لو كان يحكم مصر اليوم الفريق أحمد شفيق، أو الأستاذ عمرو موسى، أو الأستاذ حمدين صباحى، أو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، فإن هناك عدة مسائل جوهرية وقضايا مستعصية على الحل يصعب على أى حاكم كائناً من كان أن يتعامل معها على الفور ويجد لها حلولاً سحرية.
هناك تضخم للجهاز الحكومى الذى يتجاوز 7 ملايين موظف، وهناك المطالب الفئوية التى اجتاحت كل قطاعات المجتمع، وهناك نقص السيولة النقدية فى الخزانة العامة التى تؤثر على كل قطاعات الدولة.
تلك الملفات، وغيرها، أمور لا يصلح معها مبدأ الحلول الشافية فى مائة أو ألف يوم. أما قضايا مثل المرور، النظافة، إعادة وضع قواعد لهيكلة الأجور والمرتبات، إزالة بعض القوانين المعوقة للاستثمار، التعامل مع قضايا الحد الأدنى للمعاشات والتأمين الاجتماعى، فإنها من الملفات التى يمكن فيها إحراز تقدم مبدئى يساعد على تحريك عجلة المجتمع ورفع مستوى الثقة والأمل لدى المواطنين.
أزمة مصر بالدرجة الأولى هى نقص الأمل قبل أن تكون نقص السيولة المالية.
الأمل يأتى بالثقة والثقة هى أساس أى استقرار والاستقرار هو القاعدة الصلبة التى يبنى عليها أى نجاح استثمارى أو سياسى.
وكما يقول الأمريكيون «لا شىء ينجح مثل النجاح» لذلك كنت أفضل أنه بدلاً من أن نسعى إلى محاولة إنجاز كل شىء فى وقت مستحيل، أن نسعى إلى تحقيق قصة نجاح واحدة ونعبئ كل القوى لها ونقضى على أسباب الفشل قضاءً نهائياً.
مثلاً، لو كنا ركزنا فى مسألة القمامة فى شوارع المدن الرئيسية وانتقلنا من حالة محاولة السعى إلى البدء وبشكل رمزى فى التعامل معها ثم تعود ريما إلى عادتها القديمة صبيحة اليوم الثانى.
هل تعلمون أن أحد أسباب نجاح «أردوغان» حينما كان محافظاً أو عمدة لمدينة إسطنبول أنه نجح نجاحا تاما فى تحويل إسطنبول من مدينة تحاصرها «مقالب القمامة» إلى مدينة نظيفة يضرب بها المثل؟
التراكم الذى يحققه النجاح الحقيقى يساعدنا فى الانتقال بسهولة إلى التصدى إلى ملف ثان وثالث وهكذا.. أما مبدأ «الوعود للجميع بحل مشاكلهم فى آن واحد فهذا أمر فيه استحالة نسبية لضخامة التحديات وقلة القدرات وندرة الموارد».