إذا ضاعت الفضيلة بين الناس وامتدت الفوضى إلى عقولهم فإننا ذاهبون إلى مصير لن ينفع معه إصلاح أو يصادفه تطوير، ولن تلزمه عبارات التهذيب والتأدب، لأنه سقط أخلاقياً ومن ثم إنسانياً، ومثل هؤلاء الذين وجدوا بجانب مواقع الحرام، مواقع أخرى تشيع عن نفسها بأنها إخبارية لكنها تشاركت بشغف وعجل وإلحاح مع مواقع الحرام، ولا تختلف معها فى شىء سوى أنها لا تصرح بإباحيتها، فهى تختفى وراء تبويب آخر يقولون عنه «محترم»، والحرام هنا جنس وسرقات وخلافه، فالأفلام الجديدة بإمكانك الحصول على «لينكاتها» من هذه المواقع، من خلال موضوع من محرر أعوج، وهذه لسنا فى مجال تفصيلها، فهناك ما هو أمر وأضل سبيلاً لدى هذه المواقع الإخبارية الجنسية الكبيرة التى استباحت كل شىء من أجل التنافس، ومن ثم لجأت إلى الجنس بوصفه الوصفة الأسهل للوصول إلى قائمة المواقع الأكثر زيارة، فهنا «كيف تبوس زوجتك؟» وفى آخر «أكثر 50 صورة للمثيرة كيم كارداشيان» وثالث يعلن لقرائه «بالفيديو مذيع يلتقط «selfie» مع مؤخرة كيم كارداشيان»، ورابع يحدثنا عن الأجزاء الحساسة عند صافيناز، وخامس تفنن فى تصدير هذه الأخبار والصور على موقعه رغم رصانته، ولن أزيد فى هذه الأمثلة الساقطة، وهنا أتوقف عند ما قاله الزميل الصحفى طارق عباس على صفحته فى الفيس بوك «التبويب الجديد للمواقع الإخبارية: سياسة.. فن.. رياضة.. حوادث.. عرب وعالم.. كيم كارداشيان» ومعها أيضاً مساهمات نقدية قيمة من الزميل محمد المعتصم، إذن.. كيف لنا أن نمنح الثقة لموقع تحلل من الفضيلة، أراد أن يخاطب غرائزنا وليس عقولنا ولم يحترم ضمير المهنة واتجه إلى البورنو المقنع المختفى وراء أخبار السياسة والقتل والإرهاب!!
نحن أمام أزمة حقيقية لهذه المواقع التى «تقطع هدوم بعض» عشان الترافيك، ألا لعنة الله على الترافيك، الترافيك الذى شغل عقول صغار فى المهنة لكى يعلو نجمهم بزيارات هى للجنس والإثارة وليست لمضمون أو محتوى محترم، كيف لمواقع تقود الرأى العام وتمنحه اتجاهاته ومعرفته أن تنزل إلى مستنقع التدنى وتشابه المواقع الإباحية وتعطى للقارئ صور وموضوعات المقدمات والمؤخرات، وتنسى أن هدفها إمتاع القارئ وتسليته وتنويره وليس بمخاطبة فرجه!!
هناك صغار تشغلهم هذه الأشياء وللأسف وجدوا طريقهم إلى هذه المواقع الكبيرة، فأعجبتهم المسألة وأحبوها، وكلهم على قلب رجل واحد، «الدنيا نايمة ومفيش أخبار تعالوا نولعها»، وجميعهم لن يجدوا أفضل من «آل كارداشيان» وهيفاء وصافيناز أو غيرهن من المشاهير لصناعة الزيارة تلو الزيارة، فتمتلئ حصالة الزيارات بالحرام، ويقفز الموقع فى تصنيف «اليكسا» ليتباهى هذا وذاك بما فعله الموقع فى شهور دونما النظر إلى ما فقدناه جميعاً سواء مهنيون أو قراء أو مواطنون، لا أفهم كيف يضع موقع إخبارى رصين نفسه فى دائرة تماثل دكاكين الصحافة التى كانت تأتينا من قبرص ولندن وغيرهما، ومعها أخبار غرف النوم والفضائح وبعض من المايوهات لكى تباع على الأرصفة وبجوار مدارس المراهقين!!
الأمر يحتاج إلى إعادة تأهيل لهؤلاء المراهقين الذين يختارون هذه الصور والموضوعات، ومعها وقفة ضد المسئولين عن هذه الإباحية الذين يفقدون يوماً بعد يوم شرفهم المهنى وأيضا احترامهم لقرائهم وزوار مواقعهم.. وختاماً ألا لعنة الله على الترافيك!!