سجلت بالأمس اعتراضى على امتناع بعض الأحزاب والقوى السياسية حضور احتفالية أكتوبر باستاد القاهرة، التى دعت لها رئاسة الجمهورية. وأكدت أن هناك حدوداً للسياسة فى الأعياد الوطنية، وأن الاختلاف فى الرؤى والمواقف مع الرئيس المنتخب لا ينتقص من شرعيته ولا ينبغى أن يدفع للابتعاد عن حضور احتفاليات الأعياد الوطنية.
واليوم أسجل أن رئاسة الجمهورية، ومعها حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، فرضت الكثير من السياسة على احتفالية أكتوبر وحولتها إلى تظاهرة سياسية لتأييد رئيس الجمهورية، مرشح حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، الذى حسم الانتخابات لصالحه. فقد حشدت الجماعة وحزبها للاحتفالية وشاركت فى تنظيمها، وكأنها جهة مسئولة شأنها شأن مؤسسة الرئاسة ومؤسسات الدولة الأخرى المعنية بالتنظيم (المؤسسة الأمنية تحديداً).
الحدود الذائبة بين الدولة ومؤسساتها والرئيس من جهة، والجماعة وحزبها من جهة أخرى، أقحم الكثير من السياسة فى الاحتفالية واقترب جداً من مصادرتها لمصلحة الجماعة وحزبها والرئيس الذى يمثلهما.
أسجل أيضاً أن الحشد الجماهيرى باستاد القاهرة، والحشد المدنى العسكرى بسلوكه وهتافاته لرئيس الجمهورية ولغة الجسد الجماعية التى أظهرها، عبر عن جوهر سلطوى خطير يعيد إنتاج علاقة «الزعيم بالجماهير» التى لا مكان لها فى الديمقراطية، وكان يتعين على الرئيس المنتخب أن ينأى بنفسه وبمنصبه عنها.
وبالقطع ارتبطت بذلك الكيفية التى دخل بها رئيس الجمهورية للاستاد، التى ذكرتنى بلقطات تسجيلية كثيرة وثَّقت لحضور حكام مستبدين، ذوى خلفية عسكرية أو مدنية، لاحتفاليات وطنية ومع حشود جماهيرية (من هتلر وموسولينى وستالين وماوتسى تونج إلى عسكريى أمريكا اللاتينية فى الستينات وغيرهم).
لا أضع رئيس الجمهورية فى ذات الخانة، إلا أننى كنت أتمنى ألا يخرج علينا بهذه الكيفية السلطوية، وألا يعيد إنتاج علاقة الزعيم بالجماهير، كما خبرناها أيضاً فى مصر منذ الخمسينات.
كذلك حمل خطاب رئيس الجمهورية الكثير من المضامين السياسية التى ذهبت بذات الاتجاه، الدفاع عن برنامج الـ100 يوم وعن مجمل ممارساته وأفعاله.
نعم كانت هناك درجة جيدة من الشفافية وجرأة فى طرح قضية الدعم، إلا أن خطاب الرئيس أوغل بعمق فى السياسة بمضامينها الحزبية، وليس هذا بمناسب لاحتفالية وطنية.