انتظرنا أسبوعين بعد «مناشدة» الرئيس للوزراء، والمحافظين، وكبار الموظفين من رؤساء الهيئات، والمصالح وقطاع الأعمال العام.. بأن كل من لا يرى فى نفسه «القدرة» على سرعة الإنجاز.. على «الإبداع».. على ابتكار حلول لمشكلات الناس.. وكل من يعجز عن أن «يغزل برجل حمار» ويتحجج بنقص الإمكانيات.. أن «يستقيل».. «يعتذر».. «يركن على جنب»..
السؤال: هل اعتذر أحد؟ وهل تنتظرون أن يستقيل أحد من هؤلاء «الجبلّات».. هؤلاء الفشلة؟.. كل «فاشل» لازق فى الكرسى، وماعندوش دم.. ويطلع يقولك: «استقالتى» الآن معناها الهروب من الميدان، والتخلى عن المسئولية.. «يا فاشل» انت وهوه من بعض الوزراء، ومن أغلبية المحافظين، ومن كل رؤساء الهيئات الحكومية (إلا قليلاً).. خللى عندكم دم، ولا داعى لإحراج «الرئيس» المحترم، المهذب، المؤدب (أكثر من اللازم)، واركنوا على جنب. الناس بدأت تتململ، تزهق، تفقد «الأمل».. بعد أن تبخر الحماس.
اتعلموا من المسئولين فى اليابان.. إذا ظهرت أى علامة أو أمارة للفشل، بيعلق نفسه فى حبل ويشنق نفسه، لإحساسه بأنه أضاع فرصة على المجتمع، وسوف ينظر إليه الناس بازدراء.. عندنا: مفيش حتى «ثقافة» أنا آسف.. مهما كان غلط الشخص.. «فالمكابرة»، و«المقاوحة»، وتعليق الفشل على شماعة الآخرين.. اليومين دول «الإعلام» هو الشماعة.. وكأن «الإعلام» (بكل عيوبه) مطلوب منه التطبيل، والتزمير، ومسك الصاجات.. وأى واحد يكتب «نقد بناء»، ويقدم أفكاراً وحلولاً ورؤى تختلف مع سياسات المسئول.. يبقى «مُغرض»، و«حاقد» ولديه دوافع شخصية وله مصلحة ذاتية، وضد التنمية، وبيكسر العزيمة!!
للأسف.. لم يصادفنى فى تجربتى حول العالم أن رئيس الحكومة ورئيس الدولة «يناشدان»، «ويترجيان» وزيراً «فاشلاً» أو محافظاً تربع على عرش محافظة كمكافأة لنهاية خدمته، وهو «عاجز» وعنوان لفشل دولة أمام المواطنين فى الأقاليم.. لكن العيب مش عليهم.. العيب على «الأجهزة» المنوط بها تقديم «تقارير» محايدة وحقيقية عن أداء المسئول (إن كانت هذه الأجهزة فاعلة وجادة) بعيداً عن المجاملات، وكله تمام يا ريس، والواقع على الأرض مخزٍ.
صباح الخير سيادة الرئيس:
مثلى مثل كل محبيك وداعميك.. لا نخفيك سرّاً أن الحال ليس على ما يرام، والبعض بدأ يتشكك، ويسأل، ويتساءل، والسبب:
(1) الوزراء الفاشلون: لم يعد أحد منهم يوقع على «ورقة».. اسأل سيادتك أجهزتك لتتأكد من وقف الحال.. اسأل مثلاً: عن قطاع الإنتاج الحيوانى فى وزارة الزراعة وشوف اللى جارى فيه؟ اسأل اتحاد منتجى الدواجن إيه الأخبار؟ اسأل كل من يتعامل مع وزارة الزراعة، مع وزارة الصناعة، التعليم، الصحة، النقل، وقارنهم بوزير التموين، وزير الخارجية، المالية، الأوقاف، الاستثمار.. وغيرهم من الناجحين.. الفارق كبير وواضح..
(2) المحافظون: حدّث ولا حرج.. أغلبيتهم (على ما تفرج) لا إبداع، ولا ابتكار، ولا موهبة، ولا قدرة على اتخاذ قرارات.. كلها شكليات، وروتين، ومقابلات، وحكايات، وليس فى الإمكان أبدع مما كان، وقاعدين على قلبكم، وهتلاقوا فين أحسن مننا؟
(3) الوزير اللى «بيتقمص»، و«يغضب»، لمجرد أنك تناقشه، وتقدم له وجهة نظر أخرى، وكأنه مطلوب نقول: «ولا الضالين» آآآآآمين.. قل لهم يا ريس، وعلمهم الإنصات لوجهة نظر من يخالفهم الرأى، خاصة إذا كان «المتحدث» أو «الكاتب» أو «المحاور» ينتقد السياسات ويقدم الحلول والأفكار والرؤى.. وبلاش «العنطزة» و«التكبر» و«الاستعلاء»، خاصة أن أمثال هؤلاء هم «الفاشلون».. الجاهلون بـ«أدب الحوار»، وحتمية النقاش حول الأفكار والمبادرات لعدل المسار.
وأخيراً.. اسأل يا ريس وزير الزراعة سؤالاً بـ 150 مليار جنيه.. المائة وخمسون ملياراً المقدرة لاستصلاح المليون فدان:
(1) أين «دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية لهذا المشروع؟ التى توضح: هنزرع إيه؟ وفين؟ وبكام؟ وكيف سنحفر 8000 بئر جوفية، والمدة التى ستستغرقها وتكلفتها؟ بما أن الشيطان يكمن فى التفاصيل..
(2) لدينا عشرة أسئلة أخرى سنطرحها قريباً قبل أن نغرز فى الطين.. أولها: هل سنزرع محاصيل استراتيجية «قمح، ذرة، فول، عدس».. وباقى المحاصيل والمواد الغذائية نستورد منها بـ15 مليار دولار سنوياً؟ أم هى «هوجة»، وطالما الريس قال.. يبقى «اربط الحمار مطرح صاحبه ما هو عايز؟».
اسألهم يا ريس: أين «الخطط»؟ وما «السياسات»؟ وهل هناك «برامج»؟
معلوماتى المؤكدة تقول: إن وزارة الزراعة لا يوجد لديها «دراسة جدوى مكتوبة» لهذا المشروع العملاق، وكل ما هو مطروح عبارة عن «أفكار».. «مانشيتات».. وكله «بُقيقى»، وأتحدى أن يكون هناك «دراسة جدوى مكتوبة»، وإذا كانت موجودة لماذا لا تُعلن فنريح ونستريح؟ مشروع هيتكلف 150 ألف مليون جنيه. مشروع كنا نطالب به ونحلم به لسد الفجوة الغذائية الرهيبة، لا يوجد له «دراسة جدوى مكتوبة»، سيادتك لو عايز من أى بنك سلفة مليون جنيه هيطلب دراسة جدوى.. ووزير الزراعة «المكروه» من كل المتعاملين مع وزارته لاستعلائه وتكبّره وعصبيته بحكم أمراض الشيخوخة يتهم كل من يسأله أو يتساءل أو ينتقد سياساته أنهم معطلون للمسيرة، وضد التنمية.. كأنه مطلوب نمسك صاجات، ونهلل، ونسبح بحمد الوزير.. مطلوب «نصمت».. «نخرس».. «نطرمخ»، ولا يعنى ذلك أن «الساكت عن الحق شيطان أخرس» وأن «البلد» بلدنا كلنا، ووزارة الزراعة مش «عزبة الجحش»، على رأى عمنا محمود السعدنى!
باختصار: الوقت يضيع.. والحماس يتبخر.. والدولة «طرية».. والأمل الكبير يتضاءل.. مطلوب قرارات حاسمة وجريئة وسريعة وصادمة، قبل أن يضيع الحلم، مطلوب اقتحام جراحى لمشاكلنا، يلزمنا «ثورة» على النظام الإدارى المتخلف، ونحن مرتعشون، مترددون، نتحرك كالسلحفاة، والأعداء يتربصون والخونة يزغردون ويهللون.
والله عيب.. عيب على «أحفاد الفراعنة» أن يظلوا طوال عمرهم فى «حيص بيص»، وغرقانين فى شبر ماء، مااااء.
يا فرحة الخرفان فينا!!
ونستكمل الثلاثاء المقبل..