الملاحظ أن جماعة الإخوان انتقلت سريعا من رفض النظام كلية إلى معارضته، ما يعني أن هذا يمثل خيانة جديدة لدماء شبابهم، ففي اعتقادهم( الواهم) أن النظام اختطف السلطة، وعزل أصحاب الشرعية ورئيسهم، فقاوموا بكل ما يملكون، وجعلوا دماء البسطاء والفقراء من شبابهم وقودا لاستراد هذه السلطة المزعومة، ثم وصل بهم الحال اليوم إلى النزول ثم النزول ثم النزول بالقضية، وصارت قضيتهم تتلخص في الهجوم على الحكومة، لأن الأسعار زادت، أو الكهرباء انقطعت، وصارت تظاهراتهم في الجامعات محصورة في المطالبة بعودة الطلاب المقبوض عليهم!! بعد أن كان غرضها أول الأمر (عودة مرسي)، لقد تحولوا من قضية كبرى اسمها عودة "مرسي"، وفي نسختها المضللة اسمها عودة الشرعية، إلى معارضة النظام، يفعلون كما يفعل مؤيدوا النظام، فتحولوا من رفض شرعية الرئيس السيسي إلى معارضة قراراته.
إن الذي يرفض النظام جملة لا يعارض قرارته، إنما يعارض صدور القرار من غير ذي صفة أصلا، وتقديري أن قيام الإخوان اليوم بمعارضة قرارات الحكومة يمثل تحولا لا إراديا من الجماعة، تحول من رفض النظام إلى معارضته، ومن شرعية وجوده إلى نقد انجازاته.
قلنا وقال غيرنا مرارا "مرسي" لن يرجع فلا تضحوا بدماء أبنائكم في قضية وهمية خاسرة فرفضوا واستكبروا وكانوا من الكاذبين، وأطلقوا ألسنتهم بكل قاموس البذاءات والفحش، ثم تنازلوا عن عودة مرسي وسموها عودة الشرعية،، ثم تنازلوا عن عودة الشرعية، ورضوا بالواقع، وتحولوا من رفض الواقع بالكلية إلى معارضته، وأصبحوا يرددون ما تردده الصحف الداعمة لثورة ٣٠ / ٦، انظر مثلاعناوين مثل: (ثورة الظلام قادمة، اشتباكات في المحافظات بعد رفع الدعم عن السولار، مستشفى أسوان ترفض استقبال مريض في حالة خطيرة، الإهمال يواصل قتل التلاميذ بالمدارس، إهمال الحكومة يحصد عشرات الأرواح في حوادث على الطرق السريعة)، ما الذي يمكن أن يقوله الإخوان أكثر من هذا.
إن نقد السيسي وحكومته نقدا بناء هو واجب وطني وأخلاقي يجب أن يقوم به كل قادر، وإن تجميل وجه النظام دون وجه حق يرقى من زاوية أخرى لدرجة الخيانة، خيانة الحاكم وخيانة المواطن، المقصود أن الإخوان بهذه المعارضة يقومون بنفس الدور الذي تقوم به صحف مثل: الوطن واليوم السابع والأهرام والأخبار وبعض البرامج الفضائية، وتصوروا كم واحد بذل دمائه من أجل عودة مرسي، وكم واحد اليوم في السجن ضاع مستقبله، ثم به يكتشف أن عودة مرسي التي مات من أجلها تحولت اليوم إلى معارضة النظام على قرار اتخذه، أو تصريح قاله مسئول، أو التهليل لسقطة وقع فيها إعلامي.
إن كل تعقيب أو معارضة أو هجوم أو تعليق من الإخوان لأي تصرف أو قرار تقوم به الحكومة، إنما هو من وجه يدل على موت قضيتهم الرئيسة (عودة مرسي)، وإلا ما الفرق بين أن ترفع الحكومة الدعم أولا ترفعه، إذا كانت المسألة مسألة وقت، والشرعية راجعة، وإمامهم الغائب سيعود؟ إن كل كلمة تقال من الإخوان في رفض النظام ومعارضته إنما تعني خيانة جديدة لدماء أتباعهم، لأن أتباعهم بذلوا دمائهم لرفض النظام ورفض وجوده وليس السكوت على وجوده والانتقال لمعارضته.