الإسلامويون سيرفعون المصاحف على أسنّة الرايات السوداء فى مليونية «قندهار» الثانية، مطالبين بإقامة الدولة الإسلامية، وتنفيذ أحكام الشريعة بالسيف، فلسنا دولة إسلامية بل دولة كفر، ولسنا على الحق بل على الباطل.أقول قولة على بن أبى طالب «كلمة حق يراد بها باطل». ونبدأ الحكاية من أولها لنرى التشابه بين الروايتين، ونرى كيف أن داهية العرب عمرو بن العاص، حكَم معاوية، خدع أبا موسى الأشعرى الطيب الورع، حكَم على بن أبى طالب، والإسلامويون أحفاد الاثنين، الطيب والشرس.
* معاوية بن أبى سفيان يشاور بطانته فى الشام على بيعة ابن أبى طالب خليفة للمسلمين، قرروا ألا بيعة إلا بثأر عثمان -وأسرّها معاوية لمصلحته- واتهموا «على» بإيوائه قتلَة عثمان، وقرروا الحق لمعاوية فى الطلب بدمه، واستندوا للآية الكريمة «وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً»، هو نفسه معاوية الذى خذل عثمان حين استغاث به لإنقاذه، وهو نفسه الذى طلب الولاية له فى دمه.. عجبى!!
- يرد علىّ: أنه يستعين بقتلة عثمان لقتاله لعدّتهم وعتادهم، ولمصلحة المسلمين، واستدل بأن الرسول كان يعلم المنافقين، وكان يشركهم فى غزواته وفتوحاته. فقهاء المسلمين أجازوا إشراك الكفار فى حروبهم حتى لو قاتلوا بهم المسلمين (أباحها القرضاوى للأمريكان فى قتال المسلمين فى العراق وليبيا).. عجبى!!
* معاوية وعلى يخطبان فى جيشيهما، لحث كل فريق على قتال الآخر، بآية واحدة من القرآن: «اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» هذه آيات يفسرها الباغى والمظلوم.. عجبى!!
* اصطف الجيشان فى «موقعة صفين» جيش على ابن عم معاوية وصهر النبى «زوج السيدة فاطمة»، وجيش معاوية ابن عم على وصهر النبى أخى «أم حبيبة أم المؤمنين» واتفقا على الاقتتال نهاراً، والليل للراحة، والاشتراك فى شرب المياه من نهر يجمعهما، والصلاة على آلاف الموتى ودفنهم، ويصلون صلاة الفجر، ثم تبدأ رحى الحرب فى الركعة الأخيرة.. وعجبى!!
* داهية العرب عمرو بن العاص ذو الخامسة والثمانين حين رأى النصر يقترب من على يهمس فى أذن معاوية: «هل لك فى أمر يزيدنا اجتماعاً ويزيدهم فرقة؟ نرفع المصاحف تحكم بيننا وبينهم». وقد كان، حدث الانقسام. يقول صحابة علىّ: «نقبل التحكيم لكتاب الله». يصرخ فيهم علىّ: «قد صحبتهم أطفالاً ورجالاً، فكانوا أشر أطفال، وأشر رجال».. هذا هو بيت قصيدى يا على من مقالتى. الإسلامويون يشعرون أن الإرهاب يندحر، والنصر على الأبواب، والميزان يعتدل، يرفعون مصاحفهم لتنقسم الأمة، ليس ليحكمنا خال المسلمين معاوية، بل ليحكمنا إما الظواهرى أو البغدادى. أتدرون علاقة القربى بينهم، ليسوا أبناء عمومة ولا أبناء مصاهرة، بل أبناء ضلال وبهتان، وعجبى!!
تذكروا ثانية ما قاله داهية العرب لمعاوية: «هل لك فى أمر يزيدنا اجتماعاً ويزيدهم فرقة؟».
ماذا يريد الإسلامويون والسلفيون؟ إذا كان هدفهم الحكم، أعطونى مثالاً واحداً ناجحاً لحكمكم فى العالم حتى أراهن عليكم؟
إذا كان ما تريدونه الخلافة؟ أهى خلافة الظواهرى أم البغدادى اللذين يتقاتلان كما تقاتل أسلافهما؟ كل الخلفاء وصلوا للحكم على جماجم وأشلاء الملايين من العباد، كما يحاول الدواعش صناعته إخوانهم فى القتل والجهاد. وإذا كان مطلبكم تنفيذ الأحكام؟ أراهنكم بعمرى، أن تعطونى مثالاً واحداً على إثبات واقعة واحدة من الناحية الشرعية لتنفيذ الحد؟ هدفكم يا أولاد العم وأصهارنا حكم العباد بالبغى، وملء قلوب العباد رعباً كما صنعتم فى عامكم المنصرم، هدفكم اغتصاب البيعة إما قهراً أو خداعاً كما خدعنا عمرو بن العاص من قبل. لن تنجحوا معنا هذه المرة، لماذا؟ ليس بيننا أبوموسى الأشعرى هذا الرجل الطيب. قال أحد الحكام: أبخس الأحمق حقه، لأنه يغالى فيه. وأخيراً قال حكيم: «الأحمق هو الذى يطلب الأمر فى غير أوانه». لكن لا يجتمع الحمقى على الحمق بل يجتمعون على المؤامرة.اللهم اهدهم إلى العقل، وجنبنا يا رب أذى الحمقى.