«الوطن» تستضيف 27 طفلاً فى عيدهم: حكايات «البحث عن الذات»
«الجلاد»: سلسلة ندوات وحوارات للاهتمام بقضايا الطفولة.. و«العشماوى»: نسعى لتطوير مهارات الأطفال
ماذا يحدث لو حكم مصر مجموعة من الأطفال؟ وما القرارات التى سيبادرون بتطبيقها بمجرد وصولهم إلى الحكم؟ تخيل لو أصبح رئيس جمهورية مصر العربية طفلاً فى الثامنة أو العاشرة أو الرابعة عشرة من عمره، وأصبح مجلس الوزراء جميعهم من الأطفال.. فكرة طرحتها «الوطن» على 27 طفلاً ممثلين لجميع الفئات (أطفال مدارس حكومية، وخاصة، وتجريبية، وأطفال المعاهد الأزهرية، وأطفال عاملين، وأطفال بلا مأوى من دار إيواء فيس، وأطفال المؤسسات المحرومين من الرعاية الأسرية) وعدد من محافظات الصعيد (الجيزة، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج) ووجه بحرى.
طرحت «الوطن» تلك الفكرة فى ندوة عقدتها بمقر الجريدة بمناسبة يوم عيد الطفولة، بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة اعترافاً منا بحق الطفل فى المشاركة، والتعبير عن رأيه فى جميع المجالات.
اقترح الطفل أحمد مدحت (13 سنة) من المنيا، أن يتولى منصب رئيس الجمهورية، وسيمنح الحقائب الوزارية للشباب فوق 30 عاماً، لكى يعطى فرصة للأجيال الصاعدة لخدمة بلادهم، وتصعيد الكوادر الشبابية لكى يكونوا قادة المستقبل، وهو نفس المقترح الذى طالب به من محافظة المنيا أيضاً.
أما الطالب محمود سليمان غريب، فقرر أن يتولى رئاسة الوزراء وأن يتم تحويل المجلس القومى للطفولة إلى وزارة للأطفال، وأن يزرع فى المجتمع المصرى فكرة ثقافة الاختلاف وعدم مهاجمة الرأى الآخر ومحاولة تصحيح الرأى الخطأ.
الأطفال فى ندوة «الوطن» بمناسبة عيد الطفولة
فيما قرر عدد من الأطفال الذين اختاروا وزارة التربية والتعليم أن يتم بناء عدد كبير من المدارس تستوعب كثافة الطلاب، وتوفير بيئة صحية بالمدرسة تساعد على تنمية الطلاب ذهنياً وفكرياً وتساعدهم على الابتكار، وإصلاح النوافذ والفصول لحماية الطلاب من مخاطر الإصابات، مع توفير مساحة كافية بالمدرسة لإقامة ملاعب وأماكن خاصة بالأنشطة، وإبراز وتشجيع المهارات الفردية والابتكار وتشجيع الموهوبين.
أما منولا مجدى (13 سنة) فاقترحت أن تجعل التعليم فى المرحلة الابتدائية لدراسة مواد اللغات والكمبيوتر فقط، ثم المرحلة الإعدادية يبدأ التخصص وتبدأ مدارس التجارة والطب، وتكون 3 أيام دراسة نظرياً و3 أيام عملياً، وأن تكون الامتحانات عبارة عن تنفيذ مشروعات معينة، وتسمح بتوفير أجر للطلاب حتى لا يتسرب أحد من التعليم.[FirstQuote]
وقال محمود سليمان من مركز بشتيل بالجيزة، إنه يطمح إلى التغيير ويشكر كل من أسهم أو يسهم فى التغيير، مشيراً إلى أن بعض المدارس الحكومية بلا تعليم، وأن يبدأ التغيير فى القضاء على الدروس الخصوصية، التى اعتبرها السبب الرئيسى فى التسرب من التعليم بالإضافة إلى اضطهاد الأساتذة للتلاميذ بسبب عدم انضمامه لفريق الدرس الخاص به.
وأضاف «محمود» أن المدرس أحياناً يكون مظلوماً، وأحياناً ظالماً، وأنه مثلما هناك عصا للمدرس، هناك عصا للتلاميذ، مشيراً إلى أنه شاهد على ضرب عدد من التلاميذ وأسرهم لمدرسين بمدرسته فى الجيزة، لافتاً إلى أن الأمر يرجع إلى التربية فى البيت أولاً.
مصطفى مفتاح، من مركز سمالوط بمحافظة المنيا، قال إن المدرسين دائماً غير موجودين داخل المدرسة، وعملهم الرئيسى هو الدروس الخصوصية، مشيراً إلى أنه فى مدرسته العنف يقع بجميع أشكاله على الطالب من بعض المدرسين، ومن التلاميذ وأهاليهم ضد المدرسين، والأمر وصل إلى أن طالباً قتل زميله فى مدرسة مشتركة بسبب معاكسته ابنة عمه.
المشاركون فى الندوة يتحدثون لـ«الوطن» عن أحلامهم
هاجر أحمد (15 سنة) من مركز مغاغة بمحافظة المنيا، قالت إن المشكلة الرئيسية التى تواجه محافظتها هى ارتفاع نسبة التسرب من التعليم، مشيرة إلى أن المتسربين يقولون: «أنا كنت فى المدرسة، لكن قولولى فيها إيه أحبه، أسلوب تعاملهم معانا مايعرفش غير الضرب، ولو ماخدناش دروس هيبقى نهارنا أسود زى وشنا، حتى كتب المكتبة ممنوع علينا لمسها، يبقى قولولى هاحب المدرسة ليه؟».
وقالت رحمة عطية -معهد أسيوط الأزهرى- إن المدرسات بلا ضمير ولا يشرحن بضمير للطالبات، كما أننا دائماً ما نتعرض للإهانة والعنف اللفظى من المدرسات والمديرة حينما نعترض على أى شىء، ولا تسمح لنا أن نعبر عن رأينا، مطالبة بالسماح بعمل أنشطة فى المدرسة.
وأضافت «هاجر» أن مشكلة زواج القاصرات فى المنيا سببها الأب والجدة، وما قمت به هو توعية زملائى فى المدارس وفى البيوت، وهاجمنى العديد من الأشخاص حينما قلت إن البنت لديها حقوق، عارضنى الكثير منهم أقرب الناس لأننا فى محافظة بالصعيد، وبالرغم من هذا تحديت الجميع، وقمت بتنظيم حملة «لا لزواج القاصرات».[SecondQuote]
محمد شريف فخرى من محافظة الجيزة يقول إن غاندى لديه مقولة: «كثير حول السلطة.. وقليلون حول الوطن»، فإن الجميع يستهدف السلطة ولكن ليس هناك ضمير، مشيراً إلى أن مرشحى مجلس الشعب لا نراهم إلا وقت الحملة الانتخابية، مشيراً إلا أنه ليس لديه حق التصويت، ولكن يستطيع أن يرشد الآخرين لمقاطعة الانتخابات، لافتاً إلى أنه يرصد التجاوزات المالية وتوزيع السلع أثناء الانتخابات.
ويقول محمود رضا من محافظة المنيا، إنه يريد أن يكون وزيراً لحماية الطفل من ظاهرة التحرش التى انتشرت خلال الأيام السابقة.
وفى مجال الصحة طالب الطفل محمد مدحت أحمد أن يكون وزير الصحة، مشيراً إلى أن الزائرة الصحية لم يرها منذ أن دخل المدرسة، وقال «أنا أعرف أن الطبيب يقع عليه عبء شديد، لذا أول القرارات التى أتخذها هى رواتب الأطباء العاملين فى المستشفيات الحكومية. وإنشاء صندوق للتبرعات فى كل مستشفى، واختيار شخص يتمتع بالأمانة لإدارته وتخصيص أموال هذا الصندوق لنظافة وتطوير وتوفير الأجهزة الطبية اللازمة والاهتمام بالمستشفى»، كما أكدوا ضرورة وضع نموذج مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحى الكائن بالدقى كنموذج يحتذى به.
المشاركون فى الندوة يتحدثون لـ«الوطن» عن أحلامهم
وتحدث الأطفال عن ذوى الإعاقة وحقهم فى الاندماج داخل المؤسسة التعليمية مع الأطفال الأصحاء، وحقوق الأطفال فى الشوارع التى من أبسطها توفير مأوى يعيش فيه الطفل ومدرسة ينتظم فيها دون عبء على الأسر، كما أشاروا إلى ضرورة توفير الإمكانيات للأطباء التى تؤهلهم لأن يقوموا بأداء دورهم على أكمل وجه كى يتسنى لنا محاسبتهم عند التقصير.
وقالت عفاف عبدالسيد إنها تريد أن تكون وزيرة للمرأة للقضاء على التفرقة العنصرية بين البنت والولد، وأضافت «فى الصعيد تحرم البنت من التعليم ويترك الولد، البنت تخدم الولد، والولد لا يساعد أخته، البنت دائماً ضعيفة وليس لديها القدرة على الرفض والاعتراض، فهى مجبرة على الزواج والختان».
وطالب الطفل محمد كساب من المنيا، بأن يكون وزيراً للأنشطة، وضرورة وجود آلية تسمح بالتعرف على مواهب ومهارات الأطفال وتوظيفها بإتقان ومواءمة المواد الدراسية مع سوق العمل حتى لا يصطدم الطالب بالواقع العملى ويتنامى لديه شعور بأن كل ما درسه لم يستفد منه، بالإضافة إلى تحويل المكتبة إلى مكتبة إلكترونية لتعظيم الاستفادة منها، ووجود جهاز كمبيوتر فى كل فصل والبعد عن فكرة الكتاب المدرسى الذى يحمل الدولة الكثير من الأعباء فى طباعته المكلفة وفى النهاية الطالب لا يستفيد منه، وتفعيل دور الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين داخل المدرسة، وكذلك تدريب مديرى المدارس على احترام الأطفال ونبذ العنف ضدهم.
محمد عبدالرحمن من مركز «فيس» لرعاية الطفولة يقول إنه يختار وزارة الإسكان، وأول قرار له إنشاء عدد من الوحدات السكنية لمحدودى الدخل تحت مسمى «على قد الحال»، والأولوية لمن لهم أطفال حتى لا يهرب أحد إلى الشارع ويعيش فيه، مشيراً إلى أنه كان يعيش فى الشارع وانتقل لدار إيواء «فيس» ومنذ هذا الوقت وهو يعرف أهمية البيت وما يوفره له من أمان، ويتمنى أن يكون لجميع أطفال الشوارع بيوت وأسر يعيشون معهم.
ويقول الطفل مصطفى مفتاح: أريد أن أكون وزير البيئة وأنفذ مشروع «ابدأ بنفسك» لكى لا يلقى أى شخص قمامة فى الشارع، لأن الناس يكون صندوق القمامة بجانبهم ويلقون بها فى الشارع، وأن ينصح الأب الابن بعدم إلقاء القمامة فى الشارع، وأن أقضى على تلوث الهواء، ولا أسمح لأحد بتربية الطيور بشكل عشوائى، ولابد من معالجة هذا الأمر، حتى لا تنتشر إنفلونزا الطيور.[ThirdQuote]
وقال الطفل أحمد إن أول قرار له فى وزارة الخارجية هو تصحيح الصورة الخاطئة عن مصر فى الخارج، وألا يكون هناك تفرقة بين الجنسيات، وأن تكون الجنسية المصرية محترمة مثل الأمريكى والأوروبى.
أما الطفلة «رحمة» فقالت إنها تريد أن تكون وزيرة الأوقاف، وأن ترفع شعار «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت» مشيرة إلى أنها تتمنى أن تدرس فى المساجد والجوامع ويكون هناك توعية أخلاقية، مشيرة إلى أن نسبة الإلحاد ترتفع بين الأطفال بسبب إلحاد الأم والأب، مشيرة إلى أن الناس تناست دينها، وأن المرأة لا تحصل فى الصعيد على أبسط حقوقها وهو حقها فى الميراث، ومهما يحصل لا تحصل النساء على حقهن فى البدو والعرب، وفى عرب سمالوط لا تعطى المرأة ميراثها حتى لا يشاركها أحد فى الميراث.
أما الطفلة مروة عنتر، مركز مغاغة محافظة المنيا، فرفعت شعار «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر» فأرادت أن تنشئ وزارة للتربية فقط وتخص بها أولياء الأمور، حتى يفتحوا مجال الابتكار والاختراع أمام أطفالهم، مشيرة إلى أن الطفل عندما يكون ذكياً يطلق عليه «شقى» وهؤلاء الأشقاء هم أينشتين ومصطفى محمود، وقالت: سأطالب من خلال وزارتى كل الآباء بمعرفة ماذا يريد الأبناء أن يكونوا، ولا نؤثر على قراراتهم، ولا أقارن بينه وبين الأقارب والأقران، ولا بد أن نعترف بأبنائنا حتى نبنيهم.
وطالب محمد شريف إسماعيل بتولى حقيبة السياحة، وقال إنه سيعمل على تنشيط السياحة من خلال سفراء مصر فى الخارج، وإقامة العديد من الفعاليات فى الدول الأوروبية للتعريف بالسياحة المصرية ليتم جذب أكبر عدد من السياح.
وقال مؤمن هانى بندارى إنه بتوليه وزارة الشباب سيحرص على توفير أكبر عدد من فرص العمل للشباب، وسيصدر قراراً بخروج كفالة الطفل من والديه بعد سن 18، لكى يكون قادراً على الاعتماد على نفسه والعمل.
وطالبت جسيكا جرجس، 16 سنة، من محافظة المنيا، بتولى وزارة البحث العلمى وأن تصدر قراراً بإنشاء مدارس للبحث العلمى، لأن المصريين لديهم قدرات خارقة، وقالت «نحن نعانى فى مصر من أزمة طريقة تدريس المنهج وليس المنهج نفسه، ويجب إدخال جميع وسائل التكنولوجيا الحديثة فى العملية التعليمية».
وأضافت جسيكا «أنا أحترم الرئيس السيسى جداً لأنه يحمينا بعد الرب من الإرهاب الخارجى والداخلى، إن محافظة المنيا فيها الكثير من الإخوان الذين لا يتقبلون رأى أى شخص غير رأيهم، وأسلوب مناقشتهم واحد ولا يتقبل رأياً آخر».
وقالت الطفلة منة الله ربيع محمد، إن هناك متناقضات بين هؤلاء الذين يدعون باسم الدين وبين أعمال المخربين، مشيرة إلى أن قيادات الإخوان فى السجن حالياً، ولكن أين من يقوم بالتخريب، واستغلال الناس والأطفال لتخريب البلد، موضحة أن الطفل المصرى أذكى طفل فى العالم حتى مرحلة دخوله المدارس فقط.
وقال أحد الأطفال من محافظة سوهاج إن أمام مدرسته كل يوم من الساعة 6 صباحاً إلى 7 صباحاً يجد أشخاصاً يدعون الأطفال للمشاركة فى المظاهرات، ويطلبون منهم أن يتظاهروا معهم بعد صلاة العشاء مقابل هدايا يتم توزيعها عليهم، مشيراً إلى أنه حينما سأل المدرسين عن هؤلاء الأشخاص الذين يحضرون أمام المدرسة لجمع الطلاب للمشاركة فى المظاهرات رد أحدهم أنهم من الممكن أن تكون جماعة جديدة تنشر الإسلام فى مصر وتدعو الأطفال للصلاة، وقال مدرسون آخرون إنهم جماعة تتبع «داعش».
وأشار مصطفى مفتاح إلى أن الأطفال المنتمين للجماعة مغيبون عقلياً، لدرجة أنهم من الممكن أن يموتوا من أجل الجماعة، مشيراً إلى أنه يرصد العديد من مظاهرات الأطفال بالطبل والزمر ويشعلون شماريخ أثناء الطابور ويغنون للإخوان، لافتاً إلى أن هؤلاء ضحية فكر أولياء أمورهم أو مدرسين لهم، لدرجة أن البعض منهم يضرب أى زميل له لمجرد أن يمدح السيسى، ولا بد من تغيير فكر هؤلاء الأطفال.
وقالت الدكتورة عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة إنه تم تدريب 750 طفلاً لتكوين فرق من الأطفال للدعوة وكسب التأييد فى مجال حقوق الطفل، وذلك فى إطار تنفيذ مكون الإعلام ورفع الوعى ببرنامج حقوق الأسرة والطفل فى المحافظات المذكورة.
وأشارت الدكتورة عزة العشماوى إلى أنها تسعى لتدريب الأطفال على مهارات القيادة، وأهمية العمل الجماعى، ورصد وتحليل المشكلات، ومهارات الاتصال والتواصل، وإدارة الوقت، وعرض الأعمال الفنية المتعلقة بحقوق الطفل، ودعم روح الانتماء لدى الأقران، ومقترحاتهم حول الاستراتيجية القومية للطفولة والأمومة وأوضاع الأطفال فى التعليم والصحة والعنف الموجه ضد الأطفال وغيرها من المشكلات التى تواجه الأطفال، وكيفية التواصل وتوصيل المعلومة بطرق إبداعية غير تقليدية من خلال التدريب على تقديم مسرحية غنائية للأطفال عن حقوق الطفل.
وأضافت الدكتورة عزة العشماوى أن المجلس حرص على التشبيك بين الأطفال ولجان الحماية الفرعية داخل مراكزهم بكل محافظة وتدريبهم على آلية التواصل مع تلك اللجان حيث قام الأطفال بتشكيل فرق عمل لمتابعة ورصد حالات الانتهاكات ومواجهة المشكلات التى يتعرض لها الأطفال.
ومن جانبه قال مجدى الجلاد رئيس تحرير «الوطن» إنه سعيد باستضافة الندوة فى مقر الجريدة، مشيراً إلى أن قضية الطفولة لا بد على الجميع أن يهتم بها، مؤكداً أن الندوة ستكون ضمن سلسلة حوارات وحلقات مع الأطفال، مشيراً إلى إطلاق حملة «احمى نفسك من التحرش والعنف».