أول ناشط مطرود من "بدون" الإمارات لـ"الوطن": العقلية الأمنية تدير البلاد وتوهم الشعب بأن "الإصلاح" يتبع مرشد الإخوان
بات الهاجس الأمني المحرك الرئيسي لدولة الإمارات، التي انتهجت أسلوبا جديدا لمعاقبة الناشطين السياسيين بإبعادهم عن ساحة الدفاع عن حقوق "البدون"، الذين يطالبون بالحق في الجنسية الإماراتية، في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة الاعتراف بهم بدعوى أنهم صنيعة دول خارجية تهدد أمن الإمارات.. "الوطن" تواصلت مع أول ناشط من البدون أحمد عبد الخالق طردته الإمارات إلى تايلاند الشهر الماضي. وفيما يلي نص الحوار:
- ما السر وراء بروز مشكلة بدون الإمارات في السنوات الأخيرة؟
أيام الشيخ زايد كان البدون بألف خير وعندما توفى ازدادت الأمور سوءا وأصبح البدون ومعظمهم من مواليد الدولة يعاملون كالأجانب في وطنهم. البدون شريحة من شعب الإمارات ترفض الحكومة الاعتراف بهم مواطنين في بلدهم، لأن الأباء لم يهتموا باستخراج الوثائق الخاصة بالمواطنة لهم. فهم محرومون من الزواج ومن العلاج والدراسة واستخراج رخصة قيادة وامتلاك سيارة وشراء بيت. محرومون من كل الحقوق الإنسانية الأساسية.
- ولماذا ترفض الإمارات الاعتراف بحق البدون في الحصول على الجنسية؟
في كل مرة تعين الدولة لجنة من قبل الحكومة تتعامل مع قضية البدون من منطلق أمني، نقول لهم :"يجب التعامل مع هذه القضية من الناحية الإنسانية فهم بشر وليسوا فئران تجارب. وفي كل مرة تكون اللجنة غير جادة في إيجاد حل عادل لهذه القضية، لأنها تدار من قبل الأمن والحكام غير المهتمين أصلا بالقضية.
- كيف تسير شئون حياتكم في ظل غياب وثائق رسمية؟
المدارس والجامعات الحكومية كانت تقبلنا أيام الشيخ زايد، أما الآن فنحن محرومون من التعليم الحكومي، إلا من بعض المدارس والجامعات الخاصة والشيء نفسه بالنسبة للعلاج. كنا نعامل تقريبا مثل حاملي الجنسية أيام الشيخ زايد أما الآن فالوظيفة في القطاع الحكومي مثل حلم إبليس في الجنة، لا نجدها سوى في مؤسسات القطاع الخاص وبصعوبة كبيرة لخوفهم من تجنيس أناس لهم ولاء لإيران أو من الطائفة الشيعية على حد قولهم. على الرغم من أنني منذ ولادتي لم أغادر الإمارات، فهذه المرة الأولى التي أغادر وطني وللأبد. البدون لا يستطيعون مغادرة الإمارات لأنهم لا يحملون جواز سفر والآن تم إجبارهم على استخراج جواز جزر القمر. ولدى معظم البدون وثائق صادرة من الجهات الحكومية مثل شهادة الميلاد وجواز سفر محلي وملكية البيت وشهادة خدمة العسكرية ومع كل هذه الوثائق ترفض الحكومة الاعتراف بهم.
- ما السر وراء اختيار الإمارات أن تمنحكم جوازات سفر من دولة جزر القمر؟
هذا اتفاق بين الإمارات ودولة فقيرة بحاجة إلى المال ولا تمانع بإصدار جواز سفر "مواطنة اقتصادية" للبدون، حيث إنها تمنح الجواز القمري مقابل 50 ألف دولار لكل جواز. وفي الوقت نفسه، هذا الإجراء يدل على عدم نية الإمارات تجنيس البدون.
- دعوت البدون إلى استخراج جوازات سفر لكم صادرة عن دولة جزر القمر؟
نعم قلت ومازلت أقول، لأن الخناق والحصار ازداد علينا إن لم نستخرج الجواز القمري سنعامل كمخالفين لقانون الهجرة في الدولة مع تمسكنا لحقنا للحصول على جنسية الدولة فهي ليست منحة من الدول بل هو حق لنا.
- بماذا تفسر توقيت هجوم قائد شرطة دبي على الإخوان المسلمين وجمعية الإصلاح الإماراتية واتهامه لها بأنهم خطر يهدد أمن الإمارات؟
ضاحي خلفان يريد أن يظهر بصورة القائد الفذ، لأن أخطاءه كثرت. لكني أرى أن فكر الإخوان منتشر في العالم العربي والإسلامي، فهو متجذر في المجتمع الإماراتي المحافظ. والحديث عن مخططات مزعومة أو خلايا نائمة في الدولة ادعاءات كاذبة، فقط الأمن يحاول أن يعطي الموضوع أكبر من حجمه ويحاول تشويه صورة الإسلاميين من دعاة الإصلاح. الأمن يحاول أن يضخم الموضوع وكأنها حرب على دولة الإمارات "حرب باردة" من قبل الإسلاميين في الخفاء، ولكن الشعب واعي ويعرف نوايا الأجهزة الأمنية وسينكشف زيف الأجهزة الأمنية وسينتصر دعاة الإصلاح، كما انتصر الإخوان في مصر بعد مدة طويلة ووصلوا إلى رئاسة الجمهورية، أنا لست من جماعة الإخوان ولا الإصلاح أنا فقط متعاطف معهم.
- كيف ترى نشاط جمعية الإصلاح في الإمارات؟
الإصلاح هم خيرة أبناء الإمارت هدفهم الوحيد خدمة الوطن والمواطن وإصلاح الشباب وعودة الروح الإسلامية والمبادئ والقيم التي أفسدها التطور والانفتاح داخل الإمارات. لكن المشكلة تكمن في العقلية الأمنية التي تدير البلاد فهم يحاولون أن يوهموا الشعب بأن دعوة الإصلاح هي جزء من مخطط عالمي يريد الوصول إلى السلطة، وأنها تتبع فكر المرشد في مصر، ولكن كلها شائعات كذب ما أنزل الله بها من سلطان.
- ماذا خططك بعد انتهاء تأشيرة دخولك السياحية إلى تايلاند الشهر المقبل؟
الحمد لله بفضل الله وبمساعدة بعض المنظمات الحقوقية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تقدمت لطلب اللجوء في بلد آخر، وهناك اهتمام كبير به. وسوف أكون تحت حماية الأمم المتحدة، لفترة قصيرة لحين تقبل دولة أخرى لجوئي إليها لسوف أغادر تايلاند مباشرة.
- هل فقدت إيمانك باستراد البدون لحقوقهم، بعد طردك من الإمارات؟
لن يضيع حق وراءه مطالب. سينال البدون حقوقهم، ولكن لابد من النضال للحصول عليها. أنا لا ألوم البدون لأنهم خائفين بعدما ازدادات حدة القبضة الأمنية وهم لا حول لهم ولا قوة.