الرهان حرام. أجمع على ذلك أهل العلم، واعتبروه قماراً، ابن تيمية أجازه فى أمرين، أولهما إذا كان رهان جهاد فى سبيل الله، أو أعمال خير، وثانيهما رهان علم على «الكتاب والسنة» فقط، فنحن أمة أمية، لو تعلمت خرجت عن وصفها، «هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ»، فلا تعليم للخط أو الحساب أو الطب أو العلوم. أبوحنيفة أجاز الرهان والربا فى ديار الكافرين.
تعالوا للرهان: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، وادعوا أبناءكم ورجالكم ونساءكم، كما دعونا أبناءنا ورجالنا ونساءنا، ونجعلها بيننا وبينكم آية للناظرين، ولعنة الله على المطففين «الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ» انزلوا بلا سلاح بلا تخريب بلا حريق ولا ضجيج، بالمصاحف أو الفتاوى أو بدون، لنرى لمن الغلبة فينا، هكذا كان برهاننا فى الثلاثين فهاتوا برهانكم فى الثامن والعشرين.
يقولون ستخرجون بالمصاحف وأعلام داعش والقاعدة، هذا كتاب الله، وهذا «عقاب» الله، صناعة إسرائيل والصهاينة، يتهامسون، ستهربون، وتتركون المصاحف تطؤها أقدامنا، تصرخون أن جنودنا أهانوا مصاحفنا مرغمين ومنهم المتواطئون. نقول: «أهان المصاحف من أتى بها لإهانة ومهانة»، هكذا رد مشايخكم حديث النبى «صلى الله عليه وسلم» فى عمار بن ياسر يقول: «ستقتله الفئة الباغية». قتله جنود معاوية، كان برهاناً أن علياً على الحق ومعاوية الفئة الباغية الطاغية، ابن أبى سفيان يتباهى وينادى «أشترى من الناس دينهم فمن يبيع؟ من باع ربح ونجا، ومن خسر بارت تجارته وأفسدها الهوى». أجدادكم من الفقهاء باعوا الفتوى لمعاوية، قالوا: «قتل عمار من أتى به لقتال»، يعود الأمر لابن أبى سفيان، يربح الفقهاء دوماً فى النصر وفى الانكسار.
نحن نستعير فتواكم أو نشتريها «أهان مصاحفنا من أتى بها لقتال» أهانه من تركه وهرب، وعض بالنواجذ على علم الدواعش صناعة أبناء اللئام، وعلم القاعدة صناعة أبناء العم سام.
يقول رسولنا ورسولكم: «لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدرى لعل الشيطان ينزغ فى يده، فيقع فى حفرة من النار»، حفرة النار ملأى بكم، من قتلة عمر والحسن والحسين وعمار، ملأى بكم، من قتلة أطفالنا فى شوارعنا ومدارسنا، وشباب فى سيناء من الكبار والصغار، وقال فى مسلم: «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه»، كم لعنتكم الملائكة يا ظالمى أنفسكم، وستبيعون الحديدة وتخسرون الرهان. ألم يرسل ربنا وربكم نبيه إلى فرعون.
«اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى».
ليست البلطجة وسيلة الإقناع، وليس بالسيف تخضعون رقاب العباد، الدين يا أبناء الإفك، معتقد لا يمكن فرضه بالقوة، أو فرض أحكامه عنوة، أخشى أن يرفض الناس الاثنين معاً. ألم يكن الأمر بين أيديكم، ووقعت الإمارة والخلافة فى حجركم، فإن كان من عند الله، فهو الواهب والمانع.
«قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ»، وأمر الله نافذ، وإن كان أمر الشعب، فهو الذى بايع وهو الذى سحب، ولا راد لأمره، وكلاهما مشيئة الله وإرادته. فأين أنتم من أمره؟
أقول لكم كل المذاهب والملل تطلب البرهان من ألف وأربعمائة عام، وأتساءل: هل قدم مذهب أو ملة برهاناً على صدق دعواه؟ الشيعة لم يقدموا برهاناً لأهل السنة، والسنة والمرجئة لم يقدموا برهاناً للمعتزلة، والمعتزلة لم يقدموا برهاناً للجبرية. البرهان عند الله يوم العرض ويوم الفصل، اتركوا الأمر لصراع العقل، وقرار الشعب، واتركوا الدين بعيداً عن السياسة، واتركونا للعلم، والحوار والنقاش دون خوف من مقدس، أو أقرع يفترش قبورنا، قابع فى انتظار مسلم مسكين، يتحسس قبره وحيداً باحثاً عن حنان ربه الرحيم الرحمن.
أخيراً ستخسرون الرهان آخر شوطكم يموت الحمار، مع اعتذارى للحصان.
العنوان استعارة من قصيدة لشاعر أعتذر عن نسيان اسمه.