بعث لى العديد من القراء يتساءلون: «هل أصبحت مقتنعاً بفكر ونشاط جماعة الإخوان؟» أم أنه نوع من النفاق السياسى لهذا التيار الذى أصبح فى سدة الحكم على رأى المثل القائل «اللى يتجوز... أقوله يا عمى»!
باختصار هذا اتهام بالانتهازية السياسية، وهو أمر معتاد فى ظل حالة الخصام والشجار والتربص السياسى التى نحياها هذه الأيام.
وقد علمتنى تجربتى المحدودة فى الحياة وفى العمل أن أتحمل ما يقال حتى آخر مدى طالما اخترت أن يكون لى أى موقف فى أى موضوع.
ودعونى أحاول أن أشرح لمن أيد موقفى من خطاب الدكتور مرسى، ومن عارضه إلى حد اتهامى بكلام لا يليق.
باختصار لست إخوانياً، ولست من أعضاء حزب «الحرية والعدالة»، ولست طالباً لسلطة أو منصب، ولست من الذين يؤمنون بإدخال الأيديولوجية فى التحليل السياسى.
وباختصار أيضاً أنا طول تجربتى أؤمن بالفكر الليبرالى المستقل ولكن من منظور وطنى بعيد عن التبعية مؤمناً بالاقتصاد الحر فى ظل «عدالة اجتماعية» ترعاها الدولة بأسلوب أقرب لدول شمال أوروبا.
وباختصار لا أؤمن بمسألة تصنيف الناس بناء على فكرهم أو لونهم أو دينهم أو مذهبهم أو طبقتهم، ولكن أؤمن بالانفتاح على البشر جميعهم بناء على انحيازهم الإنسانى للقيم والمبادئ الأخلاقية بالدرجة الأولى، وأرفض تماماً مبدأ أنه لا أخلاق فى السياسة أو البيزنس.
هذه المقدمة الطويلة التى أعتذر عنها هى أساسية لشرح موقفى من أداء الدكتور محمد مرسى السياسى كرئيس للبلاد.
نحن الآن فى أزمة شديدة تكاد تعصف بنا، بعدما فقد اقتصادنا 70٪ من احتياطيه النقدى، وفقدت الشرطة تماسكها وقوتها الضاربة، وفقد الجيش بعضاً من مكانته وهيبته واحترامه خلال الفترة الانتقالية.
أصبحنا بعد سقوط النظام السابق نعانى من خطر سقوط الدولة الحالية.
وأنا دائماً مع «الدولة» ولكن قد أختلف مع النظام وهنا أتحدث عن أى نظام سياسى.
إذن مصر فى عاصفة، ولو افترضنا أنها مثل الطائرة التى تحمل شعباً ودخلت فى مجال عاصفة رعدية فى السماء تكاد تطيح بها، وفجأة أصبح الدكتور مرسى هو قائد هذه الطائرة، هنا يصبح السؤال ما هو موقفى كأحد الركاب من قائد الطائرة وهى تواجه صراع الحياة أو الموت؟
أؤمن بأن الموقف المسئول هو ترك الخلاف فى الرؤى والسياسة جانباً ومحاولة مساعدة قائد الطائرة على تجاوز العاصفة، أو على أقل تقدير عدم فعل ما يعيق عمله.
ليس النجاح اليوم، وليس الموقف المسئول اليوم هو إفشال الرئيس؛ لأن فشله يعنى فشلنا جميعاً، ونجاحه فى الخروج من العاصفة هو نجاة ونجاح لنا جميعاً.
لا يمكن أن أبنى نجاحى على فشل غيرى، ولكن دعونا نخرج من عنق الزجاجة ومن العاصفة الرعدية المخيفة التى تهدد طائرة الوطن، ثم نقوم جميعاً بممارسة هوايتنا المحببة فى الاختلاف مع الرئيس 24 ساعة يومياً على مدار العام.
علينا أن نتكاتف للخروج من الأزمة أولاً، ثم نختلف كما نشاء.
هذا ما أؤمن به.