سامح الله ذلك الشخص المعلول الذي سن تلك السنة السيئة حين خلط بين نقد المناهج ونقد الأشخاص، فارتفع بالأشخاص والتصرفات حتى جعلها في مرتبة المنهج، ونزل بالمنهج حتى جعله محصورا في الأشخاص، ثم وجدت أن ذلك الشخص الذي تولى كبر هذه البدعة هو سعيد حوى منظر الإخوان في كتابه: (المدخل إلى دعوة الإخوان)، صحيح سبقه غيره لكن كان هو الأوضح في مخاطبة الشباب بهذه السنة قبل أن يتوب الله عليه من الإخوان، ويلزم التصوف السني ، وصار الهجوم على الإخوان هجوما على الدين، ومضت السنة الغريبة على نحو ملحوظ، فصار نبذ برهامي وجماعته نبذا للسف، وأضحى نقد الشرطة نقدا للأمن، وأمسى نقد تصرفات الصوفية نقدا للتصوف، وبات نقد بعض الأزهريين نقدا للأزهر.
وصرنا أمام تجارة رخيصة نضع فيها الدين والوطن والسلف والتصوف والأمن والأزهر ستارا نخفي وراءه تعثرنا وكذبنا ونفاقنا وتكاسلنا وتقصيرنا وخمولنا، فصارت التفرقة واجبة بين الأزهر و بعض الأزهريين، حتى لا نعلو بالأشخاص فيصيرون هم المنهج، ولا ننزل بالمنهج فيتساوى بالأشخاص، وأذكر أنه لم قام غلمان من عديمي التربية بالاعتداء على د.علي جمعة لم نسمع أن الاعتداء عليه اعتداء على الأزهر، ولما وصف ابن د. محمد مرسي المفتي الأسبق د. نصر فريد بأنه فاقد للرجولة لم نسمع أن هذا اعتداء على الأزهر، بل إن أبو إسحاق الحويني الذي قال عن شيخ أزهر (ليس ابن أصول) لم ينتفض أحد للرد، ولم يخرج بيان يستنكر، بل إن كتب الحويني التي تضلل عقيدة مشايخ الأزهر وعلى رأسهم الشيخ الطيب تباع داخل إحدى الكليات الأزهرية الواقعة على بعد خطوات من مشيخة الأزهر.
نعم الاعتداء على الأزهر مرفوض، لكن الأزهر هو المنهج وليس الأشخاص، وإليكم أكبر صورة لتشويه الأزهر وشيخه ومنهجه وقعت في الفترة الأخيرة، ألا وهي تعيين عميد لإحدى الكليات يردد أن التصوف الذي هو من صميم منهج الأزهر وشيخه الأكبر بدعيات وشرك، وإذا رأى هذا العميد شيخ الأزهر ينبطح له ويكاد يسجد لحذائه، وإذا توارى عنه وصف التصوف الذي يتبناه الأزهر وشيخه بالبدع والشركيات، هنا التشوية الحقيقي للأزهر، وهنا الجريمة التي وقعت في التعيين، والتي يسأل عنها كثيرون حتى عبد الفتاح السيسي، كيف مر تعيين هذا العميد؟ ومن اختاره ؟ وعلى أي أساس اختاروه؟ مثال آخر واضح من إسلام البحيري، الذي يهدم المنهج الأزهري ولا أحد ينتفض للرد عليه،، هنا سيطرح تساؤل: أليس انتقاد الأشخاص سيؤثر سلبا على المنهج، لأن الأشخاص هم واجهة المنهج ورموزه؟ والإجابة: أن رموز المنهج وواجهته هم من يتبنونه لا من يرأسونه، وأن من يرأسونه عليهم الاهتمام بالمنهج والدفاع عنه والتسويق له والحرص عليه وتبنيه في خطاباتهم وبياناتهم وتصرفاتهم وكتاباتهم وفي اختيار القيادات لتكون الأولية للمنهج والكفاءة ، إن فعلوا ذلك هنا وفي هذه الحالة فقط نقول لا فرق بين انتقاد الأزهر وانتقاد الأزهريين، لأنه الناس صارت ترى من الأزهريين المنهج وليس المصلحة، وتوارى حظ النفس أمام خدمة المنهج.
ومنهج الأزهر قائم على ثلاثة أركان: أشعرية العقيدة، والتصوف الحقيقي، ومذهبية الفقه، فمن يستميت في نشر الثلاثة والدفاع عنها فهو الأزهري الأصيل غير المغشوش، ومن لم يظهر الثلاثة بوضوح أو سكت عنها أو أظهرها دون استماتة في الدفاع عنها فانتقاده مهما بلغت حدته ليس تشويها ولا انتقاصا ولا هدما للأزهر، بل يرقى أن يكون الانتقاد في هذه الحالة فيه خدمة للأزهر ولو من وجه.