شهد عام 2014 أحلاماً كبيرة للمرأة المصرية لا سيما مع إقرار دستور تضمن حقوقاً جيدة لها، لكنها ما زالت وعوداً على ورق، لكن الواقع يرصد تراجعاً مستمراً، فعلى مستوى الحقوق السياسية والمدنية شهدت مصر تراجعاً كبيراً على مستوى العالم بل على مستوى مقارنة العامين السابقين أيضاً، فقد احتلت مصر المركز 134 من بين 142 دولة على مستوى العالم فى مؤشر التمكين السياسى للمرأة، وفق تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2014، بتراجع 4 مستويات عن عام 2013، و7 مستويات عن 2012، حيث كانت مصر المركز 128 من بين 135 دولة من عام 2013، واحتلت المركز 125 فى عام 2012.
أما على مستوى المناصب القيادية فقد أصبحنا «معيرة» بين الدول لا سيما فى ضوء تحمس كثير من الدول العربية والإسلامية لاتخاذ خطوات جادة لرفع الظلم الذى عانت منه المرأة لقرون، نتيجة الجهل والاتجار بالدين، لذا شهدنا طفرات على مستوى صناعة القرار فى دول عدة مثل الجزائر وتونس والسعودية والإمارات وغيرها كثير، أما فى مصر فما زلنا ننازع فى حقوق المرأة ونفضل فى مجالات عدة شخصيات متواضعة الكفاءة ولا نقبل امرأة بكفاءة عالية، وقد رصد تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2014 تدنياً واضحاً فى مستوى وصول المرأة لمنصب كبار الموظفين والمديرين، حيث احتلت مصر المركز 116 من بين 142 فى تراجع 15 مستوى حتى عن مكانة مصر فى العام الذى سبقته، ففى العام الماضى كانت تحتل المركز 101 من بين 136 دولة.
وعلى مستوى القضاء فبالرغم من صدور دستور 2014 وتأكيد المادة 11 فيه على أحقية وصول المرأة للقضاء فإن مجلس الدولة لم يعترف بهذه المادة وأصر على استمرار رفض تعيين النساء، حيث أعلن فى شهر يناير الماضى تأجيل مناقشة تعيين الإناث دون أى تبرير أو أسباب ومخالفاً بذلك النص الدستورى، وما زالت تعيينات النيابة العامة مقتصرة على الذكور فقط، الأمر الذى لم يعد مقبولاً بل أصبح يمثل خطراً على القضاء نفسه، حيث يساهم هذا الأمر فى شيوع إحساس عام لدى المصريين بأن القضاء لا يحترم الدستور ولا يطبق القوانين، وأصبحت الحجج المقدمة غير مقنعة حتى للأطفال، فمن غير اللائق أن يصرح أحد شيوخ القضاء بأن تأجيل تعيين المتفوقات فى كلية الحقوق لعدم وجود دورات مياه! الأمر الذى أشعل حرباً على الإنترنت من التعليقات الساخرة، وفتح ملفات عدة ذات صلة بالتمييز، مثل التعيينات المبالغ فيها لأولاد القضاة وما تلاه من سلوكيات غير مقبولة لبعض القضاة، الأمر الذى يؤكد أن عصمة القضاء ورفعته ليست فيما يضعه القانون من عقوبات أو فيما يصدره القضاة من أحكام ضد المعارضين وإنما رفعته فى عدله، والعدل يبدأ من داره.
ومع غياب الإرادة السياسية التى تضع قواعد ملزمة لرفع التمييز جاءت لجنة الإصلاح التشريعى خالية من خبيره قانونية، بالرغم من وجود العديد من أستاذات القانون اللاتى تزخر بهن الجامعات المصرية ويشهد لهن بالكفاءة، بالإضافة لوجود عدد من القاضيات، وعندما اعترضت النساء كان رد بعض المسئولين فى اللجنة ليؤكد أننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن دولة القانون أو العدل الأمر الذى يستلزم وضع قواعد عامة لإشراك المرأة لا يمكن الخروج عنها فى أى خطوة تتخذ، هذا حق للنساء وشرط للتقدم للمستقبل، فهل سيكون 2015 عام تحقق الوعود وتطبيق الدستور؟