كما توقعت بالأمس جاءتنى ردود فعل شديدة حول الدعوة إلى تجميد أو تعليق الاحتجاجات الفئوية والتظاهرات لفترة سماح تعطى فرصة لنا جميعاً لالتقاط الأنفاس وتحقيق قدر من الأمن والاستقرار المؤدى إلى دورة عجلة الاستثمار والإنتاج.
وتركزت ردود الفعل المخالفة لرأى العبد لله على النحو التالى:
1- أن الاحتجاج والتظاهر والإضراب هى حقوق إنسانية ينص عليها الدستور والقانون ما دامت سلمية.
2- إن مصر بعد الثورة لن تفرط فى حق من حقوقها لأى سبب كان.
3- إن الاحتجاج الآن أكثر ضرورة من أجل الاعتراض على المظالم الاجتماعية أو لإظهار الاحتجاج على مسودة الدستور أو أى قرار من قرارات الحكومة أو الحزب الحاكم أو جماعة الإخوان.
وبالتالى فإن تجميد أو تعطيل استخدام هذه الحقوق مهما كان قصيراً هو إعطاء إذن أو ترخيص لهذه القوى أن تفعل بنا ما تشاء دون رادع أو رد فعل شعبى.
ويمكن القول إن أصحاب هذا الرأى لهم احترامهم، وإن رأيهم له وجاهته وأسبابه الموضوعية ولكن ليسمحوا لى أيضاً بالتعقيب على هذه الملاحظات أو الانتقادات:
1- هناك فارق جوهرى بين «الحق» و«سوء استخدام هذا الحق».
بمعنى، من حق أى إنسان أن يقاضى الآخر، ولكن هناك أيضاً سوء استخدام لهذا الحق، بمعنى إذا كان بدون أسباب موضوعية أو إذا كان هناك إفراط فى استخدامه أو استخدامه فى توقيت غير مناسب.
2- ومن قال إن الاحتجاج أو الحصول على الحقوق له شكل واحد ووحيد وهو النزول للشارع أو تعليق العمل؟
يمكن الاحتجاج عبر وسائل مختلفة أولها الإعلام وآخرها النقابات.
ومن قال إن تعليق الاحتجاجات يعنى تعليق المطالبة بالحقوق؟
يمكن فى ذلك الوقت دخول القوى المختلفة والمطالبة بحقوقها إلى التفاوض والانتقال من الشارع إلى غرف المفاوضات الجدية.
3- التظاهر حق أصيل والإضراب حق عالمى والاحتجاج أحد حقوق الإنسان ومصالح أغلبية الشعب المصرى فى الأمن والاستقرار فى هذه اللحظة معرضة للخطر.
إن أرزاق الناس تصبح «الأولوية المطلقة» حينما تصبح البلاد على حافة نفاد الاحتياطى النقدى، وحينما يغيب السياح وتتأثر السياحة، وحينما لا يصبح هناك ما يكفى لدعم الطاقة أو توفير السولار لثلاثة أشهر أو لضمان رغيف الخبز لمدة 6 أشهر وحينما ترتفع معدلات البطالة.
هذا موضوع لا مزايدة فيه، ولا يصلح فيه كلام عن النضال والثورة والحقوق.
الثورة قامت من أجل مصالح كل الناس، ومعظم الناس اليوم فى خطر!
لا نريد أن نصل إلى حالة النكتة الشهيرة التى قالها الطبيب للزوج: «الحمد لله، الجنين بخير لكن المدام ماتت»!