استقلال القضاء منصة العدالة تبحث عن الإنجاز وسد «الثغرات»
كلما تضافرت الحشود اطمأنت، مستشعرين قوتهم الحقيقية، رافعين سقف المطالب، كل من تحسّر على عمره الضائع بين أروقة المحاكم، لتأخر العدل أو غيابه، كل من فقد الأمل فى عدالة الأرض، متوسماً إنصافه من السماء، وجد الفرصة أخيراً، ليهتف فى ميدان الثورة، بصوت قوى لا يخبو منادياً بتطهير القضاء.
«الأحكام الجماعية بالإعدام يجب إعادة النظر فى القانون الخاص بها»، هكذا تحدث محمد بدران، أستاذ القانون العام فى جامعة القاهرة، عضو لجان تقصى الحقائق، موضحاً أن قانون شيوع الجريمة يجب تعديله، لأن القانون هو الظالم فى مثل تلك القضايا وليس القاضى.
ومن التوصيات الأساسية التى قدمها بدران، ميكنة القضاء، مؤكداً أن الطرق التى تدون بها أوراق القضايا بدائية، ولا تسهم فى إنجاز العدالة، مع وجوب إتاحة نسخة إلكترونية لتلك الأوراق، وضرورة تكوين لجان إدارية تختص بالمنازعات اليومية البسيطة بين المواطنين، إذ أوضح «بدران» أن القاضى مطالب بالنظر فى مئات القضايا فى الجلسة الواحدة، وهذا شبه مستحيل تحقيقه.
كما أشار «بدران»، إلى بيئة العمل التى يجلس فيها القاضى، ووصفها بالسيئة، إذ تتمثل فى مكاتب ومحاكم قديمة، موضحاً ضرورة تطوير قانون الإثبات، لأن القاضى هو من يصب عليه المجتمع جام الغضب، ولكن القاضى يحكم على أساس الأدلة وفقاً لقانون الإثبات.
ولتطوير تلك القوانين والمنظومة يرى «بدران»، أنه من الواجب أن يشارك فى تطويرها القضاة لأنهم أكثر دراية بالمصاعب التى تقابلهم، موضحاً أن القضاء يجب أن يخضع للرقابة المجتمعية وليس لجهات التفتيش التابعة لوزارة العدل، حتى تكون خطوة لتحقيق استقلاليته.
وصرح شوقى السيد، الفقيه الدستورى، وأستاذ القانون قائلاً: «فيه قضايا خاصة بقانون الإصلاح الزراعى من سنة 1952، لم يتم البت فيها أو إصدار حكم لحد النهارده»، موضحاً أن من أهداف الثورة الأساسية التى لم تنفذ حتى اليوم تطوير إجراءات التقاضى، لأن تأخر تحقيق العدالة بسبب إجراءات إدارية ظلم كبير.
وأكمل «شوقى»: «القاضى مش نجم توك شو»، مستنكراً الظهور الإعلامى للقضاة، وأن أى قاضٍ يظهر إعلامياً سواء من خلال حوار فى الصحف أو فى البرامج التليفزيونية، جاهراً بآرائه السياسية، يجب تحويله مباشرة إلى مجلس التأديب، لاعتبار ذلك دليلاً قوياً على عدم حياديته، فهذا العرف السائد منذ على ماهر، وزير الحقانية، ولذلك صدرت أحكام ضد القضاة الذين تربعوا على شاشات قناة الجزيرة ملقبين أنفسهم «قضاة من أجل مصر»، بعزلهم من مناصبهم أو تحويلهم لأعمال إدارية، ومحظور على القاضى أيضاً التدخل فى الشأن العام.
وأكمل: «حيادية القاضى وحصانته تعتمد على ضميره أولاً»، موضحاً أن القاضى لا يتقيد بأى تهديدات ولا ضغوط سياسية أو مجتمعية عند إصداره الحكم، وأن هناك جهات منوط بها متابعته والكشف عن أى فساد وهى التفتيش القضائى فى وزارة العدل وإدارة تفتيش النيابات.
وأوضح «السيد»، أنه من خلال رصده للأحداث خلال السنوات الأربع الماضية، رأى أن القضاء وقف وقفة شرسة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، عندما وقف القضاة وقفة مترابطة عند دار القضاء المصرى، مطالبين بعدم التدخل فى استقلاليتهم وعزل النائب العام لعدم حياديته. ورفض «شوقى» توصيف تلك الوقفة بأنها سياسية، وأكد أنها وقفة مهنية.
وتابع أن القضايا المشهورة التى صدرت فيها أحكام جماعية بالإعدام، لا يحق التعليق عليها سوى أمام محكمة الطعن، لأن المواطن لم يطلع على أوراق القضية، ومن حق الإعلام التعقيب عليها بوقائع مثبتة، وليس آراء عامة، لا جوهر ولا سند فيها، وأن القاضى يوضح فى حيثيات حكمه، الدوافع والأدلة التى اعتمد عليها فى إصدار حكمه.