«أنا بقولك أهه لو جوزك ظابط حيتقتل.. اللى يشوف ظابط يقتله».. هكذا تحدث الإخوانى محمد ناصر على إحدى القنوات الإخوانية، محرضاً على قتل ضباط الشرطة.. غيّر المحطة وانتقل إلى قناة أخرى ستجد مذيعاً يقول لك: «وأنا بقول لحضراتكم معنديش مشكلة تقتل إرهابيين عشرة خمستاشر عشرين متين ربعماية».. كذلك تحدث أحمد موسى وهو يستحث الشرطة على تصفية البؤر الإخوانية فى «المطرية».. وبين هذا الحديث وذاك، بثت جماعة أنصار بيت المقدس فيديو مصوراً لعملية القبض على النقيب أيمن الدسوقى، الذى تم اختطافه من بين مجموعة من رجال الشرطة الذين يسيرون ببطاقات لا تفصح عن هويتهم الشرطية، وتركوه لإرهابيى «بيت المقدس»: قائلين: «إحنا منعرفوش إحنا لقيناه على الطريق»، ليتم قتله بعد ذلك، رحمه الله.
لو وضعت هذه اللقطات إلى جوار بعضها البعض فسوف تجد أننا أمام مشهد مدروس، مدروس بمنتهى العناية. فالتحريض ما بين الطرفين المتصارعين على السلطة فى مصر أصبح صريحاً أكثر من أى وقت مضى، ولم يعد هناك أى حياء لدى أنصار كل طرف من الاحتفال بكل قنبلة تنفجر، أو رصاصة تطلق، أو دم يراق. لم يعد حديث البعض عن الدين أو الوطن ينطلى على أحد. المشهد واضح، هناك طرف يختبئ وراء الدين، وآخر يستتر خلف الوطن، وهو ليس مشهداً اعتباطياً بحال، بل هناك من يقف وراء إعداده وإنتاجه وتمويله، فى الداخل والخارج، والكل يريد أن يسوق هذا البلد إلى الهاوية، سواء من تمسح بالدين أو تمسح بالوطن، فلا دعاة الدين أصلح الدينُ نفوسَهم، فغدوا أخطر على الدين من أعدائه، ولا دعاة الوطن سعوا إلى إصلاح أحوال أهله، لأن كل مجهودهم وكل مقدرات الدولة موجهة للحفاظ على كراسى السلطة.
المشهد مصنوع، والرسالة واضحة: «احمل سلاحاً واقتل»، ولا تنسَ قبل أن تغادر منزلك لكى تقوم بمهمة القتل المقدسة «التفييس» أو«التتويت» باسم الدين أو باسم الوطن. أعط للإعلاميين -لو سبقك خصمك برصاصته- فرصة للمتاجرة بدمك فى سوق النخاسة. هكذا فهم الإخوان الأمر فتحولوا إلى «ميليشيات مسلحة» تقتل وتفجر وتحرق من يرون أنهم لا يرقبون فى الدين إلاً ولا ذمة، وكذلك استوعب دعاة الوطنية الأمر، فتحركوا بمنطق: طارد وحاصر واعتقل وأعدم واقتل من ترى أنه لا يرقب فى الوطن إلاً ولا ذمة. المشهد المعد سلفاً مرشح للاتساع أكثر وأكثر خلال الأيام المقبلة. المزيد من العبوات الناسفة سوف تنفجر والكثير من المبانى سوف تحرق، وعدد من البشر -لا يعلمه إلا الله- سوف يقتل، والكثير من الرصاصات سوف تنطلق، وسيظل المشهد يتسع أكثر وأكثر، لو تركت الأمور بأيدى هؤلاء، وكل ما أخشاه أن يصل بنا الأمر فى النهاية إلى حال بعض الدول المجاورة التى كنا نتندر عليها ونضرب بها المثل قبل حين!
لا بد من أن يكون لهذا الشعب وقفة قبل فوات الأوان، قبل أن تفلت الأمور أكثر من ذلك، المكتفون برذيلة «الفرجة» على الطرفين آثمون فى حق أنفسهم وفى حق الأرض التى يعيشون فوقها. «الفرجة» حتودينا فى «داهية».. أفيقوا قبل فوات الأوان!