قالت لى دارين فرغلى ومروى ياسين: اكتب فى أول عدد من ملحق «ست الستات» عن مراتك..!.. أصابتنى رعشة مفاجئة، ولكننى تمالكت نفسى سريعاً.. وأجبت: لا.. سأكتب عن أمى.. فردت زميلتى «دارين»: لأ عن مراتك.. وهزت «مروى» رأسها دعماً وتأكيداً للأمر الذى أصدرته «دارين»..!
بصراحة.. فكرت أن أستخدم صلاحياتى.. غير أننى تراجعت وسمعت الكلام.. ربما لأننى اعتدت الرضوخ لأوامر وقرارات «الست».. أى ست.. أو لأننى وجدتها فرصة لإفراغ طاقة قهر وغضب من تلك التى يسمونها «مراتى»!!
تزوجتها بعد قصة حب عنيفة.. أعنف من غارات التحالف الدولى ضد «داعش».. كانت أمى -يرحمها الله- تقول لى «لا تدبح القطة لمراتك.. ادبحها هى لو ما سمعتش الكلام».. والواقع أننى نفذت أوامر أمى بدقة لمدة تسعة أشهر.. بعدها جاء إلى الدنيا ابنى «أحمد».. ومن وقتها ندمت لأننى سمعت كلام أمى.. فليس لائقاً أن أعيش «دكراً» 9 أشهر.. ثم أتحول إلى «حمار» يحمل على ظهره مسئولية أسرة، فيضطر أن «يمشّى أموره» كى تستمر الحياة..!
ماتت أمى.. فبكيتها بدموع لم تجف حتى اليوم.. غير أننى بكيت أكثر وأكثر، حين وجدتها بجوارى فى «غرفتى»!
ماتت «أمى» فارتدت «مراتى» روحها وشخصيتها الناقدة اللاذعة والآمرة: افعل.. ولا تفعل.. أنت مهمل.. أنت رجعت يا «موكوس»؟!!.. كنت فين؟! افرد إيدك علشان أقص لك ضوافرك.. شُفت مين النهارده.. ؟!.. مين اتصل بيك.. رديت على ست.. قلت لها إيه.. وقالت لك إيه؟!.. انت مش هتعقل؟!.. ليه بتهاجم الحكومة؟! عايزهم يحبسوك؟!.. ليه بتعادى الإخوان؟!.. عايزهم يموّتوك.. خلّصت طبقك.. لازم تاكل الفاصوليا كلها..!
ماتت أمى.. وعاشت مراتى.. كنت أسمع كلام أمى لأنها أمى.. فلماذا أسمع كلام مراتى وهى تتقمص شخصية أمى؟!.. سألت نفسى كثيراً.. فلم أجد إجابة.. لماذا أصمت وأرضخ وهى تضع أمامى طبق «الفاصوليا» 4 مرات فى الأسبوع؟!.. هل لأننى اقترفت غلطة عمرى، حين جاملتها فى فترة الخطوبة، وقلت لها بـ«نحنحة مصطنعة»: الله.. الفاصوليا بتاعتك جميلة يا روحى؟!.. ربما.. ولكن المؤلم حقاً أننى منذ «تنحنحت» وأبديت إعجابى بـ«فاصوليتها» لم أجرؤ على أن أصارحها بأننى لا أحب «الفاصوليا» أصلاً!
مراتى والفاصوليا.. قصة قديمة ومستمرة.. ولن أجرؤ على الاعتراف بكراهيتى لـ«الفاصوليا» إلا أمام الله عز وجل.. سأقول له يوم الحساب: رحمتك وسعت كل شىء.. فإن أدخلتنى برحمتك وشفاعة رسولك الجنة.. لا أريد فيها «فاصوليا» ولا تضع «مراتى» بين الحور العين..!.. وإن حاسبتنى بعدلك، وحشرتنى فى النار، فلا تعذبنى بـ«الفاصوليا».. وضع مراتى فى غرفة تعذيب مكشوفة.. أراها كصباع الكفتة «المحروق»، فلا أشعر بعذابك من فرط الشماتة والتلذذ!
القصة الجديدة، التى غطت على «الفاصوليا» ودور الأم الذى تمارسه مراتى بذكاء حاد.. اسمها الـ«واتس آب». فرغم أن دستور 2014 نص صراحة وبلهجة حاسمة على الحرية الشخصية لكل مواطن.. فإن مراتى لا تعترف بالدستور، ولا القانون، ولا المحكمة الدستورية العليا، ولا حتى الأمم المتحدة.. فـ«الواتس» الخاص بى من ممتلكاتها الشخصية.. تفتحه وأنا نائم.. أو فى الحمام.. أو حتى وأنا أقف أمام ربى على سجادة الصلاة.. أقول لها: هذا تجسس وتلصص نهى عنه ديننا الحنيف.. فترد: أنا مراتك..!.. رد استهبالى غريب، لا علاقة له بالسؤال، ولا وجود له فى الفقه، حتى عند الخوارج..!
قررت يوماً أن أستخدم «خاصية» أتاحتها «آبل» للبشرية كلها، بأن أجعل الرسائل لا تظهر على الشاشة الخارجية.. فاشتعلت «حريقة» أبشع من حرائق الغابات الاستوائية.. فألغيت الخاصية.. تطلبنى مراتى كثيراً وبإلحاح.. فأظن أن فى البيت كارثة.. فأرد مهما كان انشغالى.. فيلطمنى السؤال: انت «أون لاين» مع مين؟!.. انت «لاست سين» من دقائق.. كنت «شاتنج مع مين يا منيّل».. وللأسف يشترى «المنيّل» دماغه.. ويرد بخوف بينما ترتعد أوصاله: شغل يا حبيبتى.. شغل والله..!.. تنتهى المكالمة دائماً بـ«خناقة».. فأسأل نفسى: انت خايف ليه.. ومن إيه؟!.. وفى كل مرة.. أقول لنفسى «المرة الجاية هعمل.. وهعمل.. وهكسّر الدنيا».. ولكن المرة الجاية لا تأتى أبداً..!
أسأل نفسى.. وأسألكم: هل كلنا هذا الرجل..؟! غير أن الحقيقة الواحدة المؤكدة فى علاقتى بـ«مراتى» التى تحولت إلى «أمى» أننى أحبها..!