بروفايل| «الكتاب» نجم المعرض
خبرة تناقلها بنو الإنسان جداً عن جد، غادروا نحت الجدران إلى الدق على ألواح الخشب، فالرسم على رقائق الجلود المدبوغة، والنقش على وريقات من «البردى» المحصود. هكذا ظلت «الكتب»، فى أطوارها المتتالية وصورها المتعاقبة، أوعية للخبرة المتوارثة المتناقلة حفظت إرث الحضارات جيلاً بعد جيل.
قبل اختراع الكتب والكتابة، كانت المعرفة البشرية هباءً منثوراً تذروه الرياح، تضبّبت أحداث التاريخ وخيّمت عليها غيمات من الخرافة والأساطير، وبعد اختراع الكتابة والكتب، بات للتاريخ وأحداثه محافظ تحفظه، وذاكرات تحميه من التشويش والنسيان، فأمسى ذلك الاختراع سلاحاً أجبر الخرافات على الانحسار والتراجع.
تعاظم الإنتاج البشرى من الكتب عبر التاريخ، أدباً وعلماً وفلسفة، شعراً ونثراً، ملاحم روائية وقصاصات شعرية، نظريات هندسية ونظرات فلسفية، كتب تكفى لأن تكسو الأرض ماءً ويابسة، رداءً فوق رداء، لكن وحسب ما قاله الراحل نجيب محفوظ فإن النافع منها والمستحق الإشادة لا يجاوز تغطية حارة أو شارع. فقط لا غير.
«أعز مكان فى الدنى سرج سابح.. وخير جليس فى الزمان كتاب»، بيت شعر لاكته الألسنة على مر العصور ناقلاً عن ناقل، عن المتنبى الشاعر. أكدته دراسة بريطانية خرجت نتائجها إلى النور فى منتصف 2013، تفيد بأن «صغار السن يفضلون القراءة فى الكتب، حتى على شاشات الكمبيوتر».
أسهمت بعض الكتب فى تغيير دفة التاريخ، صفحات حملت أفكاراً ثورية، وأرخت لملاحم تاريخية، ومقدسات لا ينازعها فى قلوب المؤمنين بها شىء. فمن «كتاب الموتى» لدى المصريين القدماء، إلى «الرجفيدا» الهندوسية، و«تلمود» بنى إسرائيل، و«إنجيل» الآباء الرسل، و«قرآن» المسلمين. ومن «جمهورية» أفلاطون، إلى «هذا هو الإنسان» الذى ألفه «نيتشه»، و«وجودية» سارتر، ومن «أصل الأنواع» لداروين، إلى «نظرية النسبية» للفذ ألبرت آينشتاين. ومن «ثروة الأمم» لآدم سميث، إلى «رأس المال» لماركس. كتب غيّرت مجارى التاريخ.
فى العالم العربى، لا يحتل الكتاب مكانة كمكانته لدى بعد الدول التى ترتفع فيها معدلات القراءة بشكل واضح، حتى إن أحد المسئولين السابقين فى دولة إسرائيل لو صح ما نُقل عنه، قال إن «العرب أمة لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يطبّقون».
فى السنوات الأخيرة، أسهمت التكنولوجيا الحديثة -السلاح ذو الشفرتين- فى جلب منفعة تمثّلت فى زيادة الإقبال على قراءة الكتب، لكنها تسبّبت فى انتهاك حقوق الملكية الفكرية، التى بدأت المناداة بها منذ عقود، ووفقاً لنتائج دراسات أخرجتها الأمم المتحدة، فإن معدل القراءة لكل فرد فى العالم العربى سنوياً هو «ربع صفحة» فقط، كما أظهرت إحدى مؤسسات النشر العربية أن متوسط ساعات القراءة لدى الفرد الأوروبى يبلغ 200 ساعة سنوياً، فى حين لا يزيد بين العرب عن 6 دقائق فى كل سنة.