رحلة البحث عن شغالة: الحكاية بقت «شغلانة»
مهمة البحث عن خادمة معاناة تعيشها كل سيدة اضطرتها ظروف عملها للبحث عمن يساعدها فى منزلها. البداية قد تكون بالسؤال عبر المكاتب المعروفة لتشغيل الخادمات، وهى مكاتب يسهل الوصول إليها عبر صفحاتها الخاصة على الإنترنت، هنا تجد نفسها أمام خيارات محددة يضعها المكتب فى صيغة واضحة تتضمنها بنود العقد المبرم بين المكتب وربة المنزل.
الأجنبية تبدأ من 350 دولاراً
أغلب الخادمات المتاحة فى مكاتب التشغيل قادمات من غانا، وإثيوبيا، والفلبين، تتفاوت أسعارهن بحسب الإقامة وإجادة اللغة، لتصل الخادمة الفلبينية فى أقصى تقدير إلى 750 دولاراً فى الشهر أى ما يعادل 6000 جنيه فى الشهر، وعادة ما تتم الاستعانة بها فى خدمة الفيلات والشقق الكبيرة، بحسب ما أكدته سارة مسئولة بأحد مكاتب التشغيل، فيما تأتى فى المرتبة الثانية الخادمة الإثيوبية التى تتمتع بأوراق إقامة سليمة وإجادة التحدث باللغة العربية والتى يصل راتبها إلى 600 دولار، فيما تأتى فى المرتبة الثالثة الخادمات الأغوانيات وهن القادمات من غانا، فعلى حد تعبير سارة أنهن عادة يكسرن فيزا السياحة ويبقين من أجل العمل وتتراوح أسعارهن من 350 إلى 400 دولار، بحسب إجادة التحدث باللغة العربية.
احذروا «المصريات»
سارة التى تعمل فى مهنة تشغيل الخادمات منذ أكثر من عشر سنوات، على حد تعبيرها، تؤكد أن العمل مع المصريات أوقعها فى مشكلات مختلفة أبشعها على حد تعبيرها: «فى إحدى المرات احتاجت عميلة لخادمة مصرية وسارعت بتوصيل إحداهن إليها قبل أن تكتمل أوراقها وهو ما كانت تعرفه العميلة»، الكارثة وقعت مع اليوم الأول، فتكمل حديثها قائلة: «قامت الخادمة بوضع منوم للأسرة كلها وحتى الصغار لم ترحمهم، لتتمكن من سرقة المنزل».
وتظل الخادمة المصرية الأقل سعراً بين هؤلاء إذ يصل سعرها فى أقل تقدير إلى 2000 جنيه، بحسب ما قالته هبة، مسئولة بأحد مكاتب التشغيل فى مصر الجديدة التى أشارت إلى أن العمل مع المصريات لن يجلب سوى المشاكل إذ إن بعضهن يقمن بأعمال غير أخلاقية تتراوح ما بين السرقة وعدم الأمانة فى الحفاظ على أسرار البيوت، وعدم الالتزام بمواعيد العمل، لكنها تدعو للتعامل بحذر مع اثنتين أو ثلاث فقط من المصريات، وتقوم بعمل فيش وتشبيه لهن حتى تضمن أمانتهن وعدم وجود قضايا سابقة عليهن كنوع من الأمان النفسى للتعامل معهن، فيما يرتفع سعر الخادمة النوبية إلى 3000 جنيه فى الشهر، نظراً لالتزامهن فى العمل.
«العمولة» لمكتب التشغيل أو البواب
مكاتب تشغيل الخادمات تحصل على راتب شهر كعمولة وتضع شرطاً يحق للعميل تغيير الخادمة خلال ثلاثة أشهر أو أقل فى حالة عدم إجادتها للعمل، أو عدم الارتياح لها، لكن غالبية مكاتب التشغيل تعمل دون مظلة رقابية واضحة.
الباحث عن خادمة لا يقف أمام مكاتب التشغيل فقط فبعض بوابى العمارات السكنية يحفظون أرقاماً خاصة بالخادمات على هواتفهم لحين الحاجة إليهن، والسيدات اللاتى يأتين عن طريق البواب لهن أسعار مختلفة عن تلك التى يطلبها المكتب، فأسعارهن تبدأ من 1500 جنيه للعمل طوال أيام الشهر ويتفاوت السعر حسب عدد أيام العمل المطلوبة منهن.
يقول سعودى، بواب فى منطقة الدقى، بين الحين والآخر تمر عليهم سيدات يبحثن عن فرصة عمل كخادمة فى إحدى الشقق الموجودة ويتركن أرقامهن وأسماءهن وفى حالة احتياج أحد السكان لخادمة نعطيهم الرقم ونترك الأمر لهم.
مصائب «الشغالات المصريات»
رحلة البحث عن شغالة خاضتها داليا سعيد بدوى مثلما أرشدها الباقون إذ لجأت إلى بواب العمارة السكنية التى تسكن فيها للحصول على شغالة وبدأت المعاناة مع خادمات طماعات وحاقدات وأخريات غير ملتزمات بمواعيد العمل، ينتهى بهم الحال إلى البحث عن خادمة من صعيد مصر تقيم معهم فى البيت، ليقعوا فى كارثة كبيرة بسبب تلك الفتاة، تقول داليا: كنا بنعاملها كأنها واحدة مننا نديها فلوس مصروفها ونلبسها من لبسنا وتاكل معانا.. وفوجئنا بيها سرقتنا وإحنا نايمين وخدت فلوسنا ودهبنا ومشيت».
فيما تعرضت غادة سليمان للسرقة أكثر من مرة، تارة من خادمات أجنبيات، وأخرى من مصريات، إذ تقول: «تعرضت للسرقة من خادمة ألبانية وأخرى نيبالية، وكلتاهما سرقت مبالغ مالية كبيرة ومجوهرات لكننى لم أتمكن من الحصول على حقى بسبب هروبها قبل الإبلاغ عن الواقعة»، تجربة البحث عن خادمة خاضتها غادة مع المصريات قبل الأجنبيات، وعاشت مع إحداهن لمدة أربعة أعوام كاملة، لتكتشف بمحض الصدفة أنها قامت بعمل نسخ لكافة مفاتيح الغرف المغلقة والخزنة وتعرضت للسرقة على مدار أعوامها الأربعة دون أن تشعر، الأمر الذى دفع السيدة المسنة البالغة من العمر 60 عاماً إلى التظاهر بعدم القدرة على النطق، وفشل الطبيب فى تفسير الحالة لكنه أرجعها إلى صدمة نفسية، وظلت غادة محافظة على وجودها لكنها حاولت التأكد من كونها غير قادرة على النطق وقامت بوضع جهاز تسجيل على هاتف المنزل لتكتشف للمرة الثانية خداعها وتحدثها إلى أقاربها وتدبيرها لجريمة أخرى، هنا قررت فصلها عن العمل دون إبلاغ الشرطة نظراً لكبر سنها وطول فترة عملها معها.
الخوف على الأطفال
فيما قالت الدكتورة نجوى حافظ، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية «إن تربية الخادمة للطفل تؤدى تضارب فى الأفكار لدى الطفل وتحدث لخبطة فى المفاهيم والقيم، وهى الفترة التى ينبغى فيها تربية الأبناء تربية سليمة على أسس ومفاهيم وقيم دينية تتناسب مع مجتمعنا»، وذكرت «حافظ» أن الخطورة تكمن فى الخادمات اللاتى يتعاملن بشكل مباشر مع الطفل ويقمن بدور التربية له، إذ إن أغلبهن ينقلن ثقافة مختلفة وقيماً غير قيمنا.
من جانبه أكد اللواء جمال أبوذكرى الخبير الأمنى أنه لا توجد ضمانات محددة يتم اتخاذها قبل بدء تشغيل الخادمات سواء المصرية أو الأجنبية، لافتاً إلى أن 90% من العمالة الأجنبية أوراقها غير سليمة، وأشار إلى أن احتفاظ البعض بصور للبطاقات الشخصية للخادمات المصريات ليس إجراء كافياً ولا يحمى صاحبة البيت.