ضع هذه الأخبار إلى جوار بعضها البعض وقل لى بماذا يمكن أن تخرج منها؟
1- دعت فدريكا موجرينى، الممثلة السامية للشئون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبى، «جميع الأطراف» فى مصر إلى ضبط النفس على ضوء الخسائر البشرية التى أسفرت عنها الأحداث التى واكبت الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.
2- قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر ساكى، فى موجز الوزارة من واشنطن: «ندين بشدة العنف الذى وقع خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة يناير فى مصر، سواء أكان ضد المتظاهرين السلميين أو ضد قوات الأمن».
3- الخارجية البريطانية تدين «الاعتداءات الإرهابية» بمصر وتعرب عن قلقها من استخدام «القوة المميتة» ضد المتظاهرين.
ردود الأفعال تلك جاءت على هامش مصرع 18 وإصابة العشرات فى الاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة يناير يوم الأحد الماضى. وقد يكون من المفيد أن أذكرك بأن عدد من قُتلوا فى الاحتفال بذكرى يناير العام الماضى (2014) وصل إلى «103» وعدد المصابين «277» يوم 25 يناير. بماذا نفسر ردة الفعل العجيبة التى أبداها الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية ثم بريطانيا إزاء أحداث العنف التى شهدتها الذكرى الرابعة للثورة؟ من الممكن أن نطرح إجابتين عن هذا السؤال.
الإجابة الأولى أن ثمة ترتيباً من نوع ما من جانب القوى الدولية للضغط على السلطة فى مصر فى اتجاه المصالحة مع الإخوان، وإلا فبماذا نفسر عبارة «جميع الأطراف» فى البيان الأوروبى، وعبارة «سواء أكان ضد المتظاهرين السلميين أو ضد قوات الأمن» فى البيان الأمريكى، وعبارة «الاعتداءات الإرهابية والمتظاهرين» فى البيان البريطانى؟ إن هناك خطاباً يساوى ما بين الطرفين، السلطوى والإخوانى، ويبدو أن صانع القرار الغربى يقيّم أحداث العنف فى مصر فى إطار فكرة «الصراع السياسى على الحكم». هذا الموقف فى تقديرى يتعاكس مع العديد من البيانات والتصريحات السابقة التى كانت تعبّر عن تفهم لفكرة «حرب السلطة فى مصر على الإرهاب»، بل ويشكل انقلاباً فى الموقف الغربى لا بد من الانتباه إليه، خصوصاً أنه يأتى بعد وفاة المغفور له الملك عبدالله، ملك العربية السعودية، وهو يتزامن أيضاً مع تحول قطرى مفاجئ انعكس فى أداء قناة الجزيرة الذى انقلب رأساً على عقب بعد ساعات من إعلان وفاة الملك عبدالله، يضاف إلى ذلك تحرك تركى محموم ضد مصر، من خلال «أردوغان» تارة ومن خلال «أوغلو» تارة أخرى.
الإجابة الثانية ترتبط بضعف أداء الآلة الخارجية المصرية، فما كان لهذه الأطراف أن تتحرك بهذه الطريقة، لولا وجود عطب أو عطل فى هذه الآلة، بعد أن ظننا أن مستوى الأداء قد اختلف بعد نهوض «سامح شكرى» بعبء «الخارجية». ويدلل هذا الأمر أيضاً على أن الآلة الخارجية الإخوانية أدّت، خلال الفترة الماضية، بشكل أفضل، وليس أدل على ذلك من استقبال أعضاء بالكونجرس الأمريكى لعدد من أعضاء ما تُطلق عليه الجماعة «البرلمان الشرعى» الذى يعمل فى تركيا.. بعيداً عن الجعجعة الفارغة واللكلكة الفاضية لا بد أن نفهم إن فيه حاجة غلط، أو إن «فيه حاجة بتتدبّر»!