نتركك بالطبع لأحزانك التي لن تقترب الكلمات من وجعها أو تتماس العواطف مع قسوتها، نتركك لذاتك المستباحة بحنين الفقد، وسنعود جميعًا إلى حياتنا لأننا هكذا تعودنا نتشارك معكم الألم للحظات ثم نتجاهلكم بأنانية استمرار الحياة والانشغال بذواتنا، نتنازل مع مرور الأيام عن تضامنكم حتى ولو كتبنا "كومنتات" أو "تويتات" على الفضاء الاجتماعي الإلكتروني..!!
هو حبيب حياتك وسيظل حبيبًا حتى لو تغيرت الأيام فهؤلاء ممن نفقدهم لا يتركوننا نعيش أحرار فقد استلبونا في لحظات القربى وكتبوا شهادة وفاة الإحساس مع مغيب كل شمس تزول ورائها الآمال التي لا تجيء والأحباب الذين سقطت ورقتهم في دنيانا دون عودة، هم عادوا إلى رحاب رب السماء وطوتهم أيام العمر سريعًا فأصبحوا ورقة ملونة أو بعض أشياء أو صورة في كتاب أو على حساب إلكتروني أو تذكرة بعيد ميلاد على فيس بوك.
هو بطل حياته وبطل حياتنا أيضًا فمن منح حياته لنا فهو بطل حياتنا، نحن أنانيون لأننا هنا وهو هناك، نحن أنانيون لأنه حمانا بجسده، نحن أنانيون لأن روحه فاضت من أجلنا، نحن أنانيون لأنه هناك يحارب نيابة عنا، هو بطل حياتنا لأننا سنظل غضبى عليه، الذاكرة لا تسقط الأبطال أو الشهداء الذين دفعوا ثمنًا ليعيش آخرون، أراه هناك مع عماد عفت والحسيني أبوضيف وأبوشقرة والبطران وآخرين في رفح والعريش والشيخ زويد وكرم القواديس وشوارع القاهرة والمنصورة وفي كل شبر في مصر يسيل فيه دم ليبقى الوطن.
أنت ذهبت إلى خالقك ونحن ذاهبون إلى خالقنا بمصير القدرية الذي لا نملك أمامه سوى الإذعان لقضاء الله، اسم على مستشفى أو مدرسة أو شارع لن تكفي حبيبك يا "آية"، فبطل حياتك أغلى من مشاعر المواساة والتعاطف والتساند، فهو بطل أبدي في جوانح الصادقين المحبين لأوطانهم، هو أبدي في سجلات وطن يبدو أن مستقبله لا يعترف سوى بلون الدماء، معذرة نحاول أن نتجاوز مشاعر الصدمة لأنها ألجمت الكلمات بداخلنا فصارت عصية مراوغة لأنها تقف شاخصة أمام صدق فجيعتك، أمام انهيار حلمك، أمام غياب حبيبك، الكلمات تتوسل إليك أن تعفو عنها أو تسامحيها فهي ليست مثل كلماتك ولن تطاول فوران أحاسيس العفوية في ذاتك، معذرة إذا تداخلنا فيما بينك وبين الشهيد الحبيب، معذرة إذا فعلنا بك كذلك، معذرة لأننا لا نشعر بك مهما سطرنا، معذرة لأننا لم نلمس شيئًا بداخلك تجاه من كان بطل حياتك "وليد" ولهذا ولذاك نختم فشلنا في التعبير عن وجعك ببلاغة عفويتك "هتفضل بطل حياتي وضهري يا حبيبي لحد ما اجيلك"...!!