نكتب فنُوجِع من نكتب بحقهم، نكتب فنعتقد أننا خففنا من معاناتنا بالعجز فنستريح قليلاً، ثم لا نلبث أن نعود إلى «الفَرك»، ماذا بوسعنا أن نفعل غير الكتابة؟
قدر الله أن يكون مصابُنا كبيراً وأنه لا مفر غير الحرب، وقدر أن يكابد العوام من الشعب قصر اليد المختلط بالعجز المدرك لحجم المصيبة، فإذا كان لا موقف سوى خلف الدولة ولا موقع سوى لمواجهة الإرهاب لنفزعه ولا يُفزعنا، فكيف السبيل لندعم الوطن ونشد على أيدى أبطالنا فى الجيش.
أن نكون شركاء فعلاً لا قولاً.
هل تستطيع الحيوانات أن تغير بيئاتها بحفظها أو بتخريبها؟ الإجابة بالقطع، لا يمكنهم ذلك، فالحيوانات تتحرك لتلبية حاجاتها المادية فقط، تأكل، تشرب، تتناسل لحفظ النوع، تقاتل عدواً ظاهراً تدركه أمامها، لذلك انقرض كثير منها واختفت بيئات من على سطح الأرض دون أثر.
أما الإنسان فهو صاحب الهدف والإدراك هو الذى يغير العالم ويرسم الخطط التى تحفظ وجوده وفق مستقبل استطاع أن يدركه قبل أن يعيشه، فيبقى السؤال: لماذا لا يدرك الإنسان بموقع السلطة أن الإنسان بموقع الشعب يستطيع؟ ولماذا يظل الإنسان بموقع السلطة واثقاً من أن الإنسان بموقع الشعب سيقبل اعتباره مجازاً «حيوان» يتحرك فقط لما سبق؟
لا نريد بديلاً كاذباً يزيد انقسامنا.
فى غياب المعلومات القاطعة التى تعكس رباطة جأش الدولة ووقوفها صلبة أمام الأزمة، يختل الصف ويخرج عنه مدافعون عن جهل فى تقديم بديل كاذب للباحثين عن الحقيقة فيفتون بحرق بيوت الإخوان فى المحافظات لكونهم المسئولين ويخونون كل من اجتهد فى غير طريقهم، ويعلون من قيمة الشعارات على حساب الاجتهاد فى العمل فينصرف الشعب عن دوره الحقيقى فى إنجاز عمله والإيمان بوطنه والتنوير فى مواجهة التطرّف إلى أداة استبداد ترسخ للتعصب وتشق الصف، وتؤكد على فعالية النعيق الخاوى وينتهى بذلك أمل الشراكة والرقابة والتى تصب فى صالح كشف الحقيقة التى تُعرى الخلل والتقصير وتساوى الجميع أمام مبدأ المُحاسبة. فضلاً عما سبق، فإن اختلال الصف واتساع الفجوة بين أفراد الشعب، يزيد من كتلة المعترضين فى وقت يحتاج فيه الوطن لاصطفاف حقيقى ويُحمِّل فيه الباحثون عن الحقيقة الدولة مسئولية السكوت على «الفتايين» المحرضين الذين يقدمون البدائل الكاذبة للشارع بديلاً عن مكاشفة الدولة ويعتبرون موقفها موافقة واستخداماً للفتايين من أجل السيطرة وبمرور الوقت يخرج علينا فصيل يعتبر أن انحيازه للدولة فى الأزمات غير جائز، رغم أن عدوهم واحد فقد انصرفوا عنهم فيما سبق، ثم يزدريهم المجتمع باستخدام فتايين جُدد ليزيد الانقسام.. وهكذا وكأننا وضعنا الخطط لتضعفنا لا لتخرجنا من حرب فرضت علينا منتصرين.
الإعلام الواعى
بداية يجب أن يكون الإعلام واسع التأثير جدير بالمتابعة وحتى يكون يجب أن يحفظ صنعته ومهنته ثم يعلى من إحساسه بالمسئولية فى الأزمات، دون ذلك فلا فائدة ترجى منه لأنه لن يُتابع بالأساس.
لا ضرر أن نعترف أنه بعيداً عن أبواق المحرضين دون حصافة، أن «المهنة بعافية» وليس البديل عن الإصلاح وحُسْن التدريب أن يخسر الإعلام طواعية تأثيره ويصبح تابعاً، فلماذا مثلاً تصر الدولة على دعم جهاز الشرطة والتأكيد أنه حامى الوطن رغم ما عليه من مآخذ لا ينكرها أحد؟ لأنها تريد إصلاحه وتمنع هدمه.
نخلص من ذلك إلى أن الانتقاد الدائم للمواطنين وللإعلام لن يكون إلا هادماً، دافعاً للتصديق بأنهم غير صالحين وليسوا أهلاً للثقة.
الثقة فى الناس هى أصل التغيير الثورى، فكيف يطلب الرئيس من العالم أن يقفوا لنا مصفقين باحترام، ثم تضعفنا أجهزة الدولة وتهدمنا بالإبعاد والوصاية؟