لم ينسَ المصريون دور الملك فيصل العظيم فى حرب أكتوبر 1973، عندما أمر بقطع إمدادات البترول عن الدول المساندة لإسرائيل.. وعندما أعلن أن «البترول العربى ليس أغلى من الدم العربى»، وأضاف قولته الشهيرة «عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن، وسنعود إليهما».. ولذلك، كانت مصر، وكان الرئيس السادات دائم الامتنان له لهذا الموقف، وهو ما ترجمه الرئيس السادات فى صورة قرار بإنشاء مدينة الملك فيصل، وكوبرى الملك فيصل.. ليذكرا الأجيال التى أعقبت حرب أكتوبر بسيرة هذا الملك العظيم، وبموقف المملكة العربية السعودية فى حرب أكتوبر..
وفى فترة الرئيس مبارك، كانت الإمارات، وكان الشيخ زايد بن نهيان، أو زايد الخير كله، كما كان يفضل المصريون تسميته، خير مساند لمصر فى أزمتها الاقتصادية، من خلال تمويل عدد من المشروعات الكبرى فى مصر، ومن خلال المساعدات الاقتصادية فى بناء المدن الجديدة والمشروعات الخدمية.. ولذلك، ترجم المصريون هذا الشعور بالامتنان، وهذا التقدير للشيخ زايد، بأن تم إطلاق اسم الشيخ زايد على إحدى المدن الجديدة، لتصبح مدينة الشيخ زايد إحدى أهم المدن الجديدة فى الثلاثين سنة الماضية، ولتكون عنواناً وشاهداً على عمق العلاقات المصرية - الإماراتية..
وفى ثورة 30 يونيو المجيدة، وقف الملك عبدالله، خادم الحرمين الشريفين الراحل، رحمه الله بقدر محبته لمصر، وبقدر عطائه غير المحدود لها، وقف الملك عبدالله بجانب مصر، وإلى جوار شعبها وجيشها فى مواجهة الإرهاب.. وكان خطابه الذى أصدره فى أعقاب بيان الثالث من يوليو قوياً وواضحاً.. وكانت قراراته بمساندة مصر إلى أقصى مدى الدور الأبرز فى إنجاح الثورة المصرية، وفى التخفيف من وطأة بعض المواقف الدولية تجاه مصر فى ذلك الوقت.. ولا ننسى موقفه الضاغط على كل من فرنسا وألمانيا، اللتين غيّرتا مواقفهما من الثورة المصرية بعد الاتصالات السعودية، والرحلات المكوكية التى قام بها عميد وزراء الخارجية العرب الأمير سعود الفيصل..
ولا ننسى أيضاً للملك عبدالله فى الأشهر الأخيرة بعض اللمحات الإنسانية التى تعبر عن مدى حبه لمصر، ومنها أنه رغم مرضه وعدم قدرته على الحركة، أصر على هبوط طائرته إلى مصر لتهنئة الرئيس السيسى بنفسه على انتخابه رئيساً.. وأيضاً ما ذكرته وسائل الإعلام من أن الملك عبدالله قال للرئيس السيسى فى زيارته الأخيرة إلى السعودية قبل أيام من وفاته: «أموت وأنا مطمئن أن مصر فى أيدٍ أمينة»..
إن عدم نكران الجميل، والاعتراف بالفضل هو من القيم التى تميز المصريين، والتى لم تتغير، على الرغم من حدوث تغييرات كثيرة فى شخصية المصريين خلال الفترة الماضية.. وأتصور أن إقامة مدينة جديدة، يموّلها رجال الأعمال المصريون والسعوديون، ويتم إطلاق اسم الملك عبدالله عليها، ستكون شاهداً ورمزاً وتذكاراً لنا جميعاً على عظمة هذا الملك الراحل..
مدينة الملك عبدالله هى أبسط ما نقدمه لذكرى هذا الملك الراحل، الذى أحب مصر والمصريين، وبادله المصريون حباً بحب.. ولذلك لن ننساه، وسوف يبقى خالداً فى القلوب.. رحمك الله أيها الملك الحكيم..