بعيداً عن أوجاع الأمهات الثكلى لفراق رجال لم يتوانوا عن حماية بلادهم، وبعيداً عن مشاعر الغضب والحزن التى تسيطر علينا جميعاً جراء فعل خسيس مارسه جرذان ينشرون الخراب باسم الدين، وبعيداً عن فتاوى إبراء الدين ممن تاجروا باسمه وأحاديث مللنا سماعها، أقول لكم جميعاً نحن فى معركة وجود فماذا أنتم فاعلون، حاكماً ومحكومين؟
فمشايخ الأوقاف والأزهر والإفتاء لا يدركون أننا لا نحارب لإبراء ساحة الدين، بل نحارب لحماية وطن ومواطن من مخططات أمريكية تقود الغرب وتستغل عملاءها من دول ومنظمات لهدمنا لصالحها وصالح إسرائيل. فللدين رب يحميه وأقسم على حفظه فى قرآنه منذ ما يزيد على 1400 عام. ولذا دعكم من خُطب فقدت معناها ترددونها على رؤوس الشهداء والأحياء فى كل مرة يتجدد فيها هذا العبث باسم الدين الذى لا تقل إساءتكم له عن إساءة الإرهابيين. وتذكروا يوماً تقفون فيه بين يدى الرحمن فتشهد أعمالكم بأنكم أول من خذلتم الدين حينما جبنتم عن تجديد خطابه وتنقيح تراثه ونشر صحيحه، فقدمتم للإرهاب بأيديكم مبررات فعله.
والحكومة ووزراؤها ما زالوا غافلين يمارسون مهامهم بفكر «التنطيط»، معرض هنا ومتحف هناك وجراج فى المنتصف، والرؤية لما نريد أن نكون عليه غائبة متغيبة مع سبق الإصرار والترصد. جهلوا أن الإنسان فى أى مجتمع هو مفتاح التغيير فلم يدركوا ضرورة وضع توصيف علمى لحالنا فى مصر اليوم وما يسعون لتغييره ليكون عليه حالنا -خلقياً وثقافياً وإنتاجياً وعلمياً- بعد عشر سنوات أو عشرين سنة. افتقروا للخيال السياسى والفكرى لما نحتاجه فظنوا أن الحرب على الإرهاب تبدأ وتنتهى بفوهة البندقية، بينما الحقيقة أن البندقية وحاملها آخر أساليب التعامل مع تلك الخيبة التى ابتُلينا بها داخلياً وخارجياً. فالتعليم وتغيير السلوك من خلال مناهجه ودراسة سوق العمل لإنتاج ما يناسبه، والثقافة والإعلام لتغيير السلوك وإتاحة الفرصة للتعلم المُستدام، والإنتاج الذى يعيد لنا قدرتنا على استقلال القرار واستعادة الكرامة وتشغيل العاطلين، كل هذا يسبق البندقية.. ولكنهم لن يفهموا.
وفئات من شعب فقدت بوصلة انتمائها وأضاعت معانى قيمها وضلت الرؤية وضللتها تحت مسميات ثورة أو معارضة أو تدين واهم. فباتت تشمت فى مُصاب وتفرح فى كل أمر جلل، وتفتى فيما تعلم وما لا تعلم، تتحدث عن العمل والاجتهاد وهم يمارسون التنبلة على المقاعد. وتحلل الاقتصاد والسياسة والأمور العسكرية بمعلومة أو شائعة أو تويتة. وتجحد بحق وطن ومواطن لا يعلمون عنه شيئاً فهم فى بروج بعيدة محاصرين بالفيس وتويتر وانستجرام. يظنون الثورة نزهة، وتطوير الأوطان مجرد تغيير وجوه. والنضال متاح فى مسيرة أو حديث صحفى.. فيا لخيبتنا فى مسخ شوه وجه الوطن.
ولذا فحديثى لرئيس دولة أعلم قدرها فى نفسه ونفوسنا. سيدى الرئيس كفانا خيبة مؤسسات ومسئولين فيها لا يدركون أن معركتنا معركة وجود نكون فيها أو لا نكون. أعلن قراراتك حاسمة وملايين تساندك وتنتظر الفرج يأتى من الله على يديك. لا تنتظر مجىء سماسرة اقتصاد العالم ليدعمونا فى الاقتصاد، فأعلن فتح باب تطوير صناعات الغزل والغذاء والتكنولوجيا وفتح أسواق لها فى أفريقيا ونحن معك وبنفس أسلوب تمويل قناة السويس. أسمعنا أصوات مواتير العمل على مدار اليوم ونحن معك. أعلن حالة حرب على الفساد والبطالة والتنبلة ونحن معك. تخلص من مسئولين حولك ومعك باتوا عبئاً علينا قبلك، ونحن معك. استدع الكفاءات وامنحهم سلطة التغيير تحت قيادتك. اصرخ «وا مصراه» وستجد ملايين القلوب والحناجر تردد معك، لا بالكلمات ولا التقاط الصور ولا مجرد رفع علم ولكن بعمل لا يتوقف ليل نهار، وانضباط تقوده رؤية إصلاح اشتقنا للعيش فى ظله. وأسلوب محاسبة فورى ومعلن للمخطئ والمصيب. قُد ثورة فى القضاء تثأر لأنات الشعب وأوجاعه. لا تنتظر منح توجيهاتك ولا اجتماع لجانهم، احمِ بلادك وشعبها وانهض بهم فتلك مهمتك.