دخلت البيت مسرعاً ولم أكترث بخلع حذائى، واتجهت مباشرة إلى التلفاز.. لا أريد أن تفوتنى دقيقة واحدة من البرنامج.. لأنه البرنامج الأضخم لاكتشاف المواهب الفنية.. ولأنه ذو إيقاع سريع جداً، حيث أن عدد المتسابقين كبير وعلى لجنة التحكيم أن تقرر مصير كل متسابق قبل دخول الفواصل الإعلانية الطويلة.. ولكن لا بأس.. فالبرنامج مهم وهو فرصة للموهوبين للظهور أمام الملايين.. والميزانية خيالية، لذلك لا بد من تغطيتها بالإعلانات ورسائل التصويت التى تستهدف المراهقين والعالم الفاضية.. وبما إنى لست مراهقاً وأستطيع تغيير المحطة أثناء الإعلانات.. يبقى سو وات؟
ها قد بدأ.. صعد المتسابق الأول على المسرح.. بالرغم من صغر سنه إلا أنه بدا منهكاً بسبب وزنه الزائد وارتفاع سلالم المسرح.. سأله أحدهم فى لجنة التحكيم عن اسمه فأجاب «صلاح چاهين».. طيب يا صلاح هتسمعنا إيه؟.. أوحى لى وجهه المبهج أنه سيقول زجلاً خفيف الظل أو شيئاً من هذا القبيل.. لكنه عقد حاجبيه وبدا جاداً ثم انطلق يلقى شيئاً بين الشعر والنثر لم أفهم منه الكثير.. وأطال وانفعل وربما احمرت أوداجه.. ثم ختم قائلاً «وعجبى!».. سكت صلاح ثم نظر إلى لجنة التحكيم.. فوجد اثنين منهم قد ضغطا على «مرفوض» منذ فترة.. أما الثالث فابتسم ثم قال لصلاح إنه لم يوفق فى اختيار ما قدمه.. ونصحه بتجربة فن المونولوج!.. حاول صلاح إقناعهم بالاطلاع على بعض رسوماته لأنه يرسم الكاريكاتير أيضاً.. إلا أن موعد الفاصل الإعلانى قد حان.. خرج صلاح من السباق وخرجنا إلى فاصل.. فرصة أشاهد أى توك شو بيعجن فى أى مصيبة.
عاد البرنامج ودخل عدة متسابقين رفضتهم اللجنة كلهم.. والصراحة أسباب الرفض مقنعة.. «عبدالحليم» كان متوتراً وشاحب الوجه، ولم يستطع إقناع اللجنة بصوته عندما غنى أحد المهرجانات التى تتحدث عن ثمة وسادة خالية متعبة.. «إعلان شامبو».. و«فيروز» كانت متجهمة إلى الحد الذى جعل أحد أعضاء اللجنة يقول ساخراً «إحنا مش داخلين حرب آفيروز».... «إعلان شوكولاته».. وأحمد زكى نصحوه بألا يقلد النجوم فى مشاهد السينما مثلما فعل وقلد محمود المليجى فى أحد المشاهد، وعليه أن يزيد من وزنه لأنه سنكوح بشكل زائد.. «إعلان صابون».. والعجوز «نجيب الريحانى» كان كئيباً على قلب اللجنة وهم مش ناقصين كآبة.. «إعلان سمنة».
أخيراً صفقت اللجنة للموهبتين الشابتين طويلاً ومن ورائهم الجمهور فى الاستوديو.. ولد وبنت.. الولد وسيم ومسهوك وصوته مش بطال وعنده حضور على المسرح و.... إنت حاطط روچ يابنى ولا أنا بيتهيألى؟
والبنت جاهزة للنجومية، كما صرح نجم لجنة التحكيم الملحن حمادة هشّك.. ووعد بتبنيها فنياً.. إعلان ملابس داخلية ثم انتهى البرنامج..
أفقت من جو البرنامج الساحر.. تمطعت ثم تنهدت بارتياح.. قمت لأخلع حذائى وأنا مطمئن تماماً على مصر.. أم المواهب.