لا أدرى من الذى أشار على الرئيس ليجعل يوم الأربعاء الماضى يوماً سنوياً للدعاة، مع أنه يوم من أشد أيام الدعاة إحراجاً وإيلاماً، وهم حملة وسطية الإسلام ورافعو راية الأزهر الشريف، ولذلك تمنوا أن يفى مرسى بوعده، وآية المؤمن كما نعلم ثلاث منها: إذا وعد أوفى، ويتحدث عن الكادر الذى ينتظرونه، أو يؤجل اللقاء بهم حتى يلتقيهم وقد حمل لهم جديداً، لكنه تناساه تماماً، فقط قال لهم جملته المعتادة «مطالبكم محل تقدير»، بلا أى خطة زمنية محددة، وقام الهتيفة من الأئمة يشبعونه إطراء، وصل إلى أن أحدهم مدحه بما مدح الله به نبيه الكريم! ثم خاطبهم الرئيس: أنتم شبعى وإخوانكم الفلسطينيون جوعى، أنتم كساة وهم عراة!! فما كان منهم إلا أن تشابكوا بالأيدى بعد لقائه، والحقيقة يا سيادة الرئيس أن الأئمة جوعى والفلسطينيون جوعى.. هم عراة والأئمة عراة.
يا سيادة الرئيس: الأئمة يتسولون لحمة العيد من الجمعيات التابعة لمساجدهم، وأهل الصعيد منهم يتكدسون بزوجاتهم وأبنائهم فى منظر لا يليق بالحيوانات؛ أملاً فى قضاء العيد بمحافظاتهم، لأنهم لا يجدون التذكرة الفاخرة وغالباً لا يجدون ثمنها.
لقد حضروا إليك فى قاعة المؤتمرات فى مواصلات عامة، متكدسين وسط الركاب فى منظر مهين للعمامة الأزهرية، لأنهم لا يملكون أجرة التاكسى حتى ينتقلوا به من أماكنهم إلى القاعة.
استبشروا خيراً فى لقاء الرئيس بوزير أوقافه، ثم فوجئوا برفض «كادر الدعاة»، فانتظروا «يوم الدعاة» أملاً فى بشرى بتحسين المرتبات أو حتى مكافأة استثنائية بمناسبة العيد، لكن الرئيس لم يفعل، وحوَّل أنظارهم لفلسطين، حتى التليفزيون الرسمى أبرز مقتطفات من كلامه عن فلسطين، ولم يشر لكلامه عن الدعاة مع أنهم أصحاب الليلة.
سيادة الرئيس: هل علمت بإمام يسكن فى شقة ضيقة مما يجعل بناته المراهقات ينمن على سرير واحد ملتصقة أجسادهن بأبنائه الذكور؟ هل سمعت ووزيرك بالشيخ (م.م.ع) 46 سنة الذى مات بطلقة نافذة فى الصدر وهو يقف فى طابور العيش، يعتريه الذل والمهانة والجوع والفقر لعجزه عن شراء الرغيف المسعر بـ25 قرشاً؟
هل تعلم أن عاملاً بلا مؤهل فى البنوك أو الكهرباء أو البترول أو النقل يزيد مرتبه عن إمام المسجد المعين منذ 13 سنة الذى يحمل ماجستير أو دكتوراه؟ هل قالوا لك قبل «يوم الدعاة» إن إمام المسجد يحصل على بدل منبر 8 جنيهات، وبدل زى 11 جنيهاً، وبدل قراءة وبحث 20 جنيهاً؟ إن معظمهم لم يشتر كتاباً منذ تخرجه لضيق ذات اليد، ولهذا وغيره تردت أوضاعهم العلمية والنفسية.
ثم لماذا لم تتحدث عن إهمال «مستشفى الدعاة»، وارتفاع تكلفته، الذى جعل الأئمة يعجزون عن العلاج فيه؟ وأين وزيرك من كل هذا؟ وهل علمت وعلم وزيرك أن عدداً من الأئمة يبيعون منابرهم لبعض التيارات مقابل مبلغ مادى؟ ولماذا لم تقل للأئمة: احفظوا للمنابر مكانتها، فلا تستخدموها لنصرة مرشح ولا حزب ولا تيار ولا لتصفية الحسابات، ولا لتكفير الناس والتضييق عليهم، بل انشروا من خلالها المحبة والرفق والرحمة؟.
أرسل يا رئيس وزيرك إلى المدارس الخاصة والمطاعم لترى الأعداد المهولة من الأئمة الذين تركوا مساجدهم بحثاً عن لقمة عيش تعوض غلاء الأسعار.
سيادة الرئيس: الأئمة مقصرون.. هذا صحيح، لكن «يوم الدعاة» لم يأتِ بعد، حيث انتظر أهالى الدعاة عيديتك أو كادرك، فضرب الأئمة كفاً بكف، وقالوا لأهليهم: مرسى يسلم عليكم، ويقول لكم: غزة وسوريا فى القلب!!.