فى حياة كل منا.. حلم مجدول بعناقيد الشمس.. فى حياة كل منا طاقة نور لم ترَ النور بعد.. فى حياة كل منا طفل عنده استعداد لأن ينفخ بالوناً ويركض خلفه مسافات بعدد سنواته الأولى.. فى حياة كل منا براءة لم تجد عالماً بريئاً يستحق عفويتها وطهرها الأول.. فى حياة كل منا سر سيظل سراً، لأنه كان بينك وبين نفسك فقط.. فى حياة كل منا دعوة مُستجابة لم يعرف أحد فرحتها غيرك، لأنها كانت رجاءً، وربما عهداً منك إلى الله.. واستجابة من الله! فى حياة كل منا أمير ظل يبحث عن سكك السعادة والفرح بمقاس قلب أميرته وليس حذاؤها، فى حين ظلت هى هاربة لأن أميرها لم يعرف مغزى دقات الساعة! فى حياة كل منا لحظات ألم كان لا بد أن تأتى أولاً كضريبة مدفوعة مقدماً لميراث لاحق من السعادة والاطمئنان.. فى حياة كل منا لحظة انتصار، حتى لو على النفس عبّرت فيها من تحت أقواس النصر كفرسان الفتوحات العظيمة ومكتشفى الحياة على كوكب المريخ! فى حياة كل منا دعوة قيلت لك، رددت وراها «اللهم آمين» و«يا رب اجعل لى فيها نصيباً»، وقد كان نصيبك أجمل مما تتمنى، فقد كان منّ وفضل الله عليك عظيماً، فى حياة كل منا طريق له ذكرى يفتح عليك كل التقاطعات المفاجئة الموحلة التفاصيل.. لكنك فى النهاية عبرتها إلى الضفة الأخرى بأمان، وابتسمت.. فى حياة كل منا أغنية تخربش القلب مهما عدى عليها الزمن ومهما طواها النسيان، لكنك ما عُدت تبكى حينما تسمعها.. فى حياة كل منا ضحكة من القلب لا يعرف سرها إلا أنت، وأنت الوحيد الذى تعرف متى تكون؟ ومع من تكون؟ وكم مرة أدركت بها أنك تعيش؟! فى حياة كل منا دمعة مستخبية لأنها قررت ألا تضىء وجهك إلا فرحاً.. لا حزناً مهما كان.. فى حياة كل منا قلم كتبه.. وعين قرأته.. وعقل فكر به ولسان ظل صامتاً عن علم لا عن جهالة.. وقد كان! فى حياة كل منا قصة حب كان «كيوبيد» فيها حائراً وأضفت أنت إلى حيرته حيرة أبدية بلا عنوان.. فى حياة كل منا صورة له.. تكبر.. تشيخ.. يمر عليها الزمن بكل تقلباته وتتسافر ملامحك إلى مسافات أبعد عنها كل سنة.. لكن تظل فى تلك الصورة نظرة لا تتغير أبداً، لأنها بكل بساطة هو أنت الحقيقى ووحدك تعرف ذلك.. فى حياة كل منا حنين إلى شىء ما.. يصبح هاجسك.. ثم جلادك.. لكنك فى النهاية أصبحت أنت سيد الحنين لا عبده! فى حياة كل منا أوراق لم تُكتب وأغنيات لم تُلحن وأشعار لم تُلقَ وألوان لم تُرسم.. لأنها مفرداتك الخجولة.. فى حياة كل منا نصف مطرب ونصف ممثل ونصف شاعر ونصف رسّام ونصف كاتب.. قد لا تكون موهبتك فى أى منها.. لكنك كنت الأصدق حينما حاولت إحداها.. لأنك بكل ببساطة كنت تريد فقط التعبير! فى حياة كل منا وردة لم تذبل لأنها زُرعت بداخلك من الشريان إلى الشريان.. فى حياة كل منا اسم حروفه تكفى لأن تكون موشوماً بالفرحة كلما رددتها.. فى حياة كل منا لعبة ما.. هى الوحيدة القادرة على إعادتك إلى برارى الطفولة الأولى ومباهجها السرية.. لهذا عندما تتعب.. تُجهد.. تمل.. تيأس وتصبح على حافة الألم والفقد، أرح رأسك على كتف الحياة.. وتذكر كل ما سبق.. وابتهج لأنك تملك كل هذا الرصيد من التفاصيل المُغدقة العمق.. فلقد مات فقيراً من لا ذكريات له..