تحدثت تقارير أن المرأة المصرية صارت من أكثر نساء العالم سمنة وزيادة فى الوزن بمعدل 78 كجم للمرأة.
ربما كانت مثل هذه التقارير مغرضة وتستكمل ما يصوره بعضهم بالمؤامرة الكونية على مصر، لأن مثل هذا الكلام فى عصرنا وطبقاً للعلم الحديث، وللتسويق السياحى مثار تنفير! اللهم إلا للسياح الذين ما زالوا يفضلون مقاييس الجمال القديمة وعلى رأسها السمنة.
وقد كان الشاعر الجاهلى امرؤ القيس يشبه خطوة حبيبته أنها مثل الكثبان الرملية عندما تتحرك، ووصف آخر بطن محبوبته بأنها تشبه الحبال المعقودة من فرط سمنتها!
كان هذا فى الجاهلية واستمر حتى ما بعد منتصف القرن الماضى، وكانت النساء النحيلة تلف حول جسدها الكثير من القماش لتخفى نحافتها المعيبة! بينما اليوم يلففن أنواعاً معينة من المشدات التى تضغط أجسادهن لتخفى سمنتهن المعيبة!
يا لقسوة الزمان والرجال وبعض النساء على بعضهن!
عموماً أتصور أن هذه التقارير مرتبطة من حيث الموضوع بتقارير أخرى وضعت المصريين فى ترتيب عالمى متأخر من حيث إحساسهم بالسعادة، لأن الضغوط الحياتية والإحباطات المتزايدة التى تتسبب فى الإحساس بالتوتر والغضب والعصبية والألم والاكتئاب تدفع وتثير مراكز محددة بالمخ لزيادة الإحساس بالجوع وتناول الكثير من الطعام لتلاشى هذه المشاعر السلبية وهذا فى رأيى أهم ما يدفع للسمنة.
إننا بصدد ظاهرة عامة تتعلق بالرجال والنساء فى بلادنا، ولا بد أن أسبابها عامة أيضاً، ويجب أن نبحث فى كافة سبل العلاج والوقاية من هذه الظاهرة، لأن السمنة صارت مرضاً له أسبابه ومضاعفاته على صحة الإنسان، وله أيضاً سبل للوقاية والعلاج.
إن المضاعفات التى تنتج عن السمنة تكلف البلاد كثيراً فى ميزانية الصحة، وبات من الضرورى أن تجند الدولة برامج للتوعية وتبصير المجتمع بما تؤدى إليه السمنة وإن كان بعض الدولة نفسها بما تسببه من إحباطات لمواطنيها سبباً فى هذه الظاهرة غير الصحية!
ثم إن على الدولة أن تتوسع فى فتح عيادات متخصصة فى السمنة بالمستشفيات العامة تخفيفاً وتقليلاً ومنعاً للأمراض الناجمة عن السمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكر والجلطات، وآلام والتهابات المفاصل والغضروف وفتاق البطن والتهابات الجلد وصعوبة التنفس أثناء النوم أو عند بذل مزيد من الجهد وكذلك ما تسببه من تشمع الكبد بالدهون وما قد ينتج من تليفه ثم بعض سرطانات وغير ذلك من أمراض أخرى.
إن كبت المشاعر والغضب، والقمع الجسدى والنفسى للبشر (بمعنى أنه لا يجد طريقة للتنفيس عن غضبه ومشاعره) يؤدى إلى غياب الحماسة، والإحباط وانخفاض الدافع فى نواحٍ شتى من الحياة وشعور سريع بالتعب المستمر وقلة التركيز، والصداع وبالمناسبة يحقق المصريون ترتيباً متقدماً عالمياً فى تناول الأسبرين، ويصاحب القمع والغضب نمو سلوك قهرى ربما لم يمارسه الناس من قبل قمعهم مثل النهم للطعام وزيادة الأكل، والتدخين والإدمان للمخدرات والجنس ومشاهدة التليفزيون.
وهذه الأعمال السلبية سوف تؤدى بالتالى إلى تدنى صورتهم أمام أنفسهم وفقدان للثقة وإحباط أكثر مما يجعلهم يدورون فى نفس الدائرة المغلقة، والإحباطات تزيد العدوان تجاه النفس وتجاه الآخرين باندفاعات غبية وفظة فى القول والفعل مما يزيد الخصومات وينمى الكراهية مع المحيطين، والشك فيهم.
الطعام ليس حلاً.
كيف لا يكون المصريون هم هؤلاء، ولا مثل هؤلاء؟