بعد أربعة أشهر من توليه الرئاسة، لم يستطع الدكتور «محمد مرسى» أن يرضى أياً من الأطراف التى حرص على كسب ودها طيلة هذه الفترة، لا أمريكا ولا إسرائيل، ولا دول الخليج، ولا السلفيين، ولا الشعب بالبداهة. الكل فى حالة غضب من الرئيس، رغم سعيه الدؤوب إلى استقطاب كل هذه الأطراف!
منذ البداية كان «مرسى» حريصاً على طمأنة الأمريكيين، وعندما ثارت ثائرة الشعب بعد مأساة عرض الفيلم المسىء إلى النبى (صلى الله عليه وسلم)، تحت سمع وبصر ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية، بادر «مرسى» إلى حشد جهاز الشرطة من أجل حماية السفارة الأمريكية، ورضى بكل تحذيرات أوباما له، وسمح بالقبض على المشاغبين الذين حاولوا اقتحام السفارة ومحاكمتهم، رغم كل ذلك لم ترض عنه أمريكا وما زالت تعقّد له مسألة الحصول على قرض الـ«4.8 مليار دولار». بعدها تم الكشف عن خطاب «الصديق الوفى» الذى أرسله «مرسى» إلى رئيس إسرائيل «شيمون بيريز» والذى أجزل فيه دعواته الطيبة بالرغد لإسرائيل، وبالنجاح والفلاح لرئيسها، وشوية شوية كان سيدعو لإسرائيل بأن ينصرها الله على أعدائها! ورغم ذلك فالإعلام الإسرائيلى لا يكل عن النيل منه والإساءة إليه. ويبدو أن كلاً من أمريكا وإسرائيل لا يرضيان عن فكرة أن يكون حاكم مصر «إخوانياً ملتحياً»، حتى ولو كان يبذل لهما أكثر مما كان يبذله «المخلوع» كما أكدت إحدى الدراسات الأمريكية مؤخراً.
ثم تعال إلى دول الخليج.. فقد بدأها الرئيس بالزيارة وأخذ يكيل الإطراء لملوكها وأمرائها وشيوخها، وكان يتعشم من وراء ذلك الحصول على معونات وقروض تساعده على «عدل» ميزان المدفوعات «المايل» وسد «العجز» فى الموازنة، ورغم ذلك فما زالت هذه الدول تعاملنا بعطاء «التشافيط» التى لا تملأ «قرباً» فارغة!
حتى الإسلاميين -بمن فيهم السلفيون- غاضبون على الرئيس الذى يبدو أنه نسيهم من جزء من الكعكة، يتصورون أنهم يستحقونه نتيجة دعمهم له فى انتخابات الرئاسة، فخرجوا يهددون ويتوعدون، ويكفرون الحكم، و«يطغوتون» دولة الإخوان.
أما الشعب فحدث ولا حرج، فهو لا يفتأ عن إزعاج الحكومة والرئاسة بمظاهراته الفئوية، وإضراب قطاعاته عن العمل فى المدارس مرة، والمستشفيات مرة، والنقل العام مرة، وما زال يأبى حتى الآن تنفيذ أى قرار أو توصية تصدر عن «مرسى»، بداية من التوقف عن التظاهر وقطع الطرق، ومروراً بمساعدته بحمل «المقشات» لتنظيف الشوارع، وانتهاءً بغلق المحلات التجارية فى العاشرة.. والمفارقة فى هذا الأمر: أن الأمريكيين والإسرائيليين غاضبون على «مرسى» بسبب موضوع «الدقن»، فى حين يغضب على الرئيس فى الداخل من صوّتوا لصالح «الدقن»، بالإضافة إلى من هم أطول منه «ذقناً»!