السيسي يناقش 4 مشاريع دولية بمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية
ناقش مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، أمس، برئاسة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، عدد من المشروعات التي تتبناها المكتبة، ومن ضمنها مشروع لغة التواصل العالمي، ومشروع المليون محاضرة، ومشروع موسوعة الحياة، وتوثيق تاريخ مصر في مشروع "ذاكرة مصر المعاصرة".
وذكرت المكتبة في بيان صدر عنها أنه من المفترض أن يستمر الاجتماع اليوم الأحد، من أجل الاطلاع على المشروعات التي قدمتها المكتبة في الفترات السابقة، وما ستقدمه في الفترة المقبلة.
ويأتي "مشروع لغة التواصل العالمية" الذي بدأ بمبادرة من الأمم المتحدة من خلال مؤسسة لغة التواصل الرقمية العالمية، إلى تمكين جميع الأشخاص من إنتاج المعلومات والوصول إلى المعرفة الثقافية بلغاتهم الأم، وتتكون البنية اللغوية الأساسية للنظام العربي لمشروع لغة التواصل العالمية من أربعة مكونات أساسية؛ هي: القاموس العربي، وقواعد التحليل، وقواعد التوليد، والمدونة اللغوية العالمية للغة العربية.
ويمثل المكون الأول وهو القاموس العربي مصدر المعلومات المعجمية للنظام، وقد تم بناؤه في إصدارين؛ الأول من أجل دعم قواعد التحليل، وهو يتكون من 180 ألف مدخل قاموسي، أما الثاني فمن أجل دعم قواعد التوليد، ويحتوي على 100 ألف مدخل قاموسي. ويضم المكون الثاني من النظام العربي للغة التواصل العالمية وهو قواعد التحليل، ألف قاعدة تحليلية، أما قواعد التوليد فتتكون من أكثر من ألف وربعمائة قاعدة توليدية.
ويتناول مشروع لغة التواصل العالمية معوقات التعددية اللغوية بين البلاد المختلفة، وهو يعتبر تقنية جديدة لتقليل الفجوة بين الحضارات، وتخطي حاجز اللغة الذي يمثل عائق كبير أمام عدد ضخم من مستخدمي الانترنت، نظراً للمحتوى المتنوع الموجود على الإنترنت والذي يعد غير متساوي من حيث اللغات.
وتقوم مؤسسة لغة التواصل الرقمية العالمية على فرق بحث وتطوير، يعمل بها متخصصون في علم الكمبيوتر لتطوير المحركات الخاصة بالنظام، ولغويون وحاسوبيون لتكوين المصادر اللغوية الآلية ودمجها مع نظام لغة التواصل العالمية. وقد تم ضم خمس عشرة لغة حتى الآن إلى النظام، منهم اللغة العربية. تعمل أيضاً مجموعات مختلفة من إدارات الجامعات والمراكز البحثية حول العالم تحت مظلة مؤسسة لغة التواصل العالمية الرقمية لتطوير نظام لغة التواصل العالمية تبعاً للغتهم الأم.
ويعد التطور الذي حققه مركز إبراهيم شحاتة للغة التواصل العربية انجازًا هائلاً في النظام مع الوضع في الاعتبار أن اللغة العربية تتصف بالتعقيد في تركيبها النحوي والصرفي.
أما "مشروع المليون محاضرة" فتم تدشينه في يناير عام 2009، بحضور الدكتور فينت سيرف "أبو الإنترنت" ونائب رئيس شركة جوجل، والدكتور رونالد لابورتيه؛ مدير الاتصالات ومراقبة الأمراض بمنظمة الصحة العالمية، والدكتور جيلبرت أومن؛ أستاذ الطب والصحة العامة بجامعة ميشيغان، ويهدف المشروع إلى عمل أرشيف رقمي على شبكة الإنترنت يحوي المحاضرات التي تعرض باستخدام برنامج "باور بوينت" (powerpoint) والخاصة بالعلماء والباحثين في مختلف دول العالم، وذلك في أربعة مجالات رئيسية؛ هي: الصحة العامة، والزراعة، والهندسة، والبيئة.
ومن المفترض أن تكون مكتبة الإسكندرية مركزًا لنشر المحاضرات التي يلقيها كبار العلماء والباحثين في مجال العلوم المختلفة حول العالم، فهي ستعمل كقاعدة بيانات ذات قيمة تاريخية للأجيال القادمة مما يتماشى مع دور المكتبة التنويري الرائد في العالم ولما لديها من مصادر وموارد وفعاليات سنوية تساعد على جذب أكثر من 1.3 مليون زائر سنويًا.
ويتميز البرنامج بخصائص لتسهيل البحث في موقع المشروع، وتم تحديد نظام يعرض للمستخدم جميع المحاضرات الخاصة بالمواضيع الأربعة بأسلوب سهل، كما يمكن للمستخدم الآن أن يبحث بأسلوب البحث البسيط والمتقدم عن محاضرة أو شريحة بذاتها أو كلمة معينة داخل المحاضرة.
إن مشروع "المليون محاضرة" يعد إسهام ضخم في مجال العلوم انطلاقاً من حاجة الدول خاصة الدول النامية إلى موارد علمية متعددة لإتاحة المعرفة العلمية. خاصة أن معايير الجودة التي يتميز بها نظام المشروع من حيث التعديل والتقييم تضيف بعد جديد للمشروع وهو إعطاء قيمة كبيرة لما يمكن أن يضيفه الشباب إلى المجتمع العلمي من خلال أبحاثهم.
والمشروع بدأ يلعب دوراً كبيراً كمصدر أساسي من مصادر المعرفة العلمية حول العالم، ففي الصين على سبيل المثال، مثّلت محاضرات المشروع المصدر الأول للتعرف على معلومات حول وباء أنفلونزا الخنازير الذي أعتبر مرض حديث في ذلك الوقت.
كما حقق المشروع نجاحا كبيرا في أمريكا اللاتينية، حيث تستخدم محاضراته الآن في أكثر من مائة كلية، كما يقدم خمسمائة محاضرة باللغة الإسبانية من أهمها محاضرات أنفلونزا الخنازير التي ترجمت إلى 40 لغة.
وعن "مشروع موسوعة الحياة" قامت المكتبة بإطلاقه بالتعاون مع مؤسسة السميثسونيان الأمريكية، وهو نسخة تفاعلية جديدة من موقعها الإلكتروني www.eol.org الذي يضم معلومات عن حوالي 700 ألف نوع من الكائنات الحية، تبعًا لتصنيفاتها الحيوية؛ من حيوانات ونباتات وبكتيريا وفيروسات وطيور وغيرها.
وعملت المكتبة كشريك وثيق في إنشاء النسخة الثانية من موسوعة الحياة؛ حيث ساهمت بخبرتها التقنية في تدويل نظام موسوعة الحياة وإعادة بناء بنيته التحتية لتمكين المستخدمين من تصفحه والتفاعل مع محتواه بأكثر من لغة، وقد تم إطلاق النسخة الحالية باللغات الإنجليزية والعربية والإسبانية كمرحلة أولى.
ومكتبة الإسكندرية، إلى جانب تقديمها الدعم التقني للمشروع، تعمل على إثراء موسوعة الحياة بمحتوى عربي لتكون مصدرًا علميًا غنيًا عن التنوع الحيوي لناطقي اللغة العربية. ويعد هذا المشروع الكبير مصدرًا أساسيًا للمعلومات عن الحياة على سطح الأرض. وإتاحة موسوعة الحياة باللغة العربية يعتبر خطوة كبيرة في مواجهة ندرة المحتوى العلمي العربي على شبكة الإنترنت، مما يلبي احتياجات الكثير من العلماء والطلبة والجمهور العربي بشكل عام.
وتمت إتاحة موسوعة الحياة للجمهور لأول مرة في 2007 من خلال إنشاء صفحة إلكترونية لكل نوع من الكائنات الحية على الأرض، ومن ثم شاركت العديد من الجهات مثل المتاحف والمجتمعات العلمية والعلماء والمراكز البحثية في هذا المشروع الضخم، بهدف توفير مصدر علمي موثوق به عن التنوع الحيوي على الأرض. وتوسعت موسوعة الحياة اليوم لتشمل أكثر من 700 ألف نوع من الكائنات الحية تم جمعهم من حوالى 160 جهة مشاركة، بالإضافة الى 35 مليون صفحة رقمية عن قراءات عن تلك الكائنات من مكتبة تراث التنوع البيولوجي و600 ألف صورة للكائنات الحية المختلفة.
أما "مشروع ذاكرة مصر المعاصرة" هو محاولة لإنشاء أكبر مكتبة رقمية للمواد ذات القيمة الثقافية والتاريخية المتعلقة بتاريخ مصر المعاصر، بداية من عهد محمد علي في ١٨٠٥ ونهاية بعهد الرئيس السادات في ١٩٨١، وجمع ورقمنة المادة من مجموعات المكتبات الخاصة بكبار السياسيين، والكتاب المصريين، كما تم الحصول على مواد من مؤسسات ومجموعات خاصة عديدة متعلقة بتاريخ مصر المعاصر خلال المائتي عام الماضية.
وتم توثيق تاريخ العديد من الهيئات المصرية مثل مجلس الشورى، هيئة البريد، ولم تغفل الذاكرة أن تؤرخ أيضا للسينما المصرية، وغيرها من الأحداث الهامة التي أثرت في التاريخ المعاصر.
عرضت الذاكرة لتطور التمثيل الأجنبي في مصر منذ تصريح 28 فبراير 1922 وحتى الحرب العالمية الثانية، وأهم من تولى منصب المندوب السامي في مصر، وكذلك ممثلي الدول الأجنبية الذين احتلوا مكانة متميزة داخل السلك الدبلوماسي الأجنبي في القاهرة والدبلوماسيين الأجانب في مصر، كما قامت بتوضيح خطوات بناء الجهاز الدبلوماسي والقنصلي المصري في الخارج بعد أن قامت الحكومة البريطانية في 15 مارس عام 1922 بإبلاغ الدول التي كان لها ممثلون في القاهرة بأن الحكومة المصرية قد أصبحت حرة في إعادة وزارة الخارجية، وبالتالي أصبح لمصر حق إقامة تمثيل دبلوماسي وقنصلي في الخارج، والذي كان من أهم نتائجه دخول مصر عصبة الأمم عام 1937.
كما بدأ فريق عمل ذاكرة مصر المعاصرة في التوثيق الرقمي للأعلام والشارات المصرية منذ عصر محمد علي وحتى الوقت الحالي، والنشيد الوطني للبلاد، والعلم المصري مر بأشكال عدة تعكس صور ومراحل استقلال مصر في العصر الحديث فبداية من العلم العثماني ذو الأهلة حتى علم الجمهورية، كلها تعبر عن مراحل من السيادة المصرية وتعبر عن تاريخ مصر الحديث.
وصدر أيضا عن ذاكرة مصر المعاصرة سجل وثائقي مصور تحت عنوان "السادات رئيساً"، يستعرض السجل سنوات حكم الرئيس أنور السادات لمصر من خلال الصور، بدءاً من وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وانتهاء بجنازة الرئيس السادات والصلاة على جثمانه بمسجد مستشفى المعادي.
ويتضمن أكثر من سبعمائة صورة تغطي ثلاثمائة حدث متنوع من خلال تسلسل زمني يعتمد على استعراض أهم الأحداث في كل عام ثم الانتقال للحياة الخاصة للرئيس الراحل، ويستهل كل قسم بكلمة مأثورة تم استخراجها من خطب السادات.
كما يحتوي على فهرس يعرض أحداث حياة السادات، وفهرس الشخصيات الألفبائي من أجل محاولة إلقاء الضوء على معظم الشخصيات المصاحبة للرئيس في صورة.
كما بدأت ذاكرة مصر المعاصرة في توثيق تاريخ الأحزاب والتنظيمات السياسية المصرية، ولأول مرة في مكتبة الإسكندرية يتم توثيق تاريخ الحياة الحزبية توثيقًا كاملاً مشتملاً على المقالات النصية والصور النادرة والوثائق إلى جانب ملفات الفيديو.
وانفرد موقع ذاكرة مصر المعاصرة بتوثيق الحياة الشخصية والسياسية للنقراشي، وذلك من خلال مجموعة من أهم الصور الفوتوغرافية والوثائق النادرة والأرشيف الصحفي وأغلفة المجلات العربية والأجنبية، وكانت السيدة صفية محمود النقراشي والتي تقطن في الإسكندرية أهدت كل ما هو متعلق بحياة والدها كنوع من إثراء التوثيق لتاريخ النقراشي باشا في إطار الذاكرة.