"الوطن" تنشر حيثيات حكم قيد أطفال الزواج العرفي بالسجلات
قالت محكمة القضاء الإداري، اليوم، إنه في ضوء أحكام الدستور المصري وقانون الطفل وقانون الأحوال المدنية، فإن المشرع أعلى حق الطفل في نسبه إلى والديه وحصوله على اسم يميزه في المجتمع، ويحفظ له كرامته وإنسانيته ويتمتع بكل الحقوق، ومنها الحق في التعليم والصحة، وهي حقوق أولى بالرعاية والحماية لكون الصغير يقع في مركز قانوني أعلى مما قد يثور من خلاف حول صحة العلاقة الزوجية أو ثبوت النسب لوالديه أو أحدهما.
وأضافت المحكمة، أنها تقرع باب المشرع والمنظمات المعنية بشئون الطفل أن تتقصى بالبحث والدراسة المشكلات الناتجة عن الزواج العرفي، الذى تتخلى فيه الأم عن حقها في إثباته إما جهلا أو قهرا ومع ضعف الخلق والدين تكون ثمرته ضحية الحرمان من حق يلتصق بالحق فى الحياة.
وذكرت المحكمة، ضمن أسباب حكمها أن المشرع الدستوري حرص على التأكيد على حقوق الطفل بحسبانه أضعف حلقات الأسرة وثمرة قيامها، وتلك الحقوق إنما تشكل في المقابل التزاما على الدولة وعلى الوالدين كل في إطار المسئولية الملقاة على عاتقه، وذلك على نحو قاطع لا لبس فيه وأولى هذه الحقوق حقه في الحصول على اسم وأوراق ثبوتية حماية له ولبنيان المجتمع.
إضافة إلى تطعيم مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة وتغذية أساسية، ومأوى أمن وتربية دينية وتنمية وجدانية ومعرفية من خلال إتاحة السبل اللازمة لتعليمه في سن مبكر، ومن ثم بات لازما على الدولة أن يكون هاجسها ومحركها الأساسي في كل ما تتخذه من إجراءات حيال الطفل هو تحقيق المصلحة الفضلى له ورعاية حقوقه المقررة دستوريا، والتي غدت حقوقا شخصية للطفل بوصفه كذلك لا يجوز الانتقاص منها أو التعدى عليها بأي قانون تتخذه الدولة.
وتابعت المحكمة في حيثياتها، إن المشرع في قانون الطفل حرص على ضبط عملية قيد الأطفال وحمايتهم بنسبة الطفل إلى والديه باعتباره أحد حقوق الطفل الدستورية التي تدعم حقه في الحياة الآمنة في بيئة اجتماعية ودينية صالحة، فقرر الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال 15 يوما من تاريخ حدوثها، وحدد حصريا الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة، ومنهم والد الطفل إذا كان حاضرا أو والدته شريطة إثبات العلاقة الزوجية.
وأبانت اللائحة التنفيذية للقانون الإجراءات الواجب اتباعها في حال عدم قيام الأم بإثبات تلك العلاقة، وتتمثل في تقديمها إقرار كتابي منها بأن الطفل وليدها، وبشهادة القائم بالتوليد بواقعة الميلاد، ويتم في هذه الحالة قيد المولود بسجلات المواليد، ويدون اسم الأم في الخانة المخصصة لذلك، ويثبت للمولود اسم أب رباعي يختاره المسئول عن القيد، ولا يعتد بهذه الشهادة فى غير إثبات واقعة الميلاد، مع إثبات ذلك بمحضر إداري يحرره المسئول عن القيد.
ويرفق بنموذج التبليغ على النحو الذي يصدر به قرار من وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة حسبما تقضي اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، والتي حددت البيانات التي يجب أن يشملها الإبلاغ عن واقعة الميلاد، والتي يتم إدراجها في النموذج المعد لذلك.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها، أن القضاء الإداري بذلك لا يعتدي على السلطة التشريعية فهو لا يضع قانونا، ولا يتعدى كذلك على جهة القضاء المختصة بالفصل في منازعات الأحوال الشخصية، وغاية الأمر أنه يوازن بين ممارسة الحقوق لكل من المرأة والرجل في عقد الزواج العرفي في قيد طفلهما ثمرة هذا الزواج.
علاوة على حق الطفل ذاته في الحصول على اسم يميزه، ويضمن عدم امتهان كرامته الإنسانية، وبيان أي من تلك الحقوق أولى بالرعاية في نظر الدستور القائم وبمراعاة القواعد الإنسانية التي استقرت في وجدان المجتمع لا يحدها في ذلك إلا تحقيق الصالح العام.
وقضاء المحكمة في هذا الشأن هو قضاء كاشف مقصور على المنازعة محل الدعوى ذاتها في ضوء تقديرها لوقائع المنازعة المطروحة عليه، وأدلتها دون أن تتقيد محكمة أخرى بهذا القضاء بل ودون أن تتقيد هي نفسها به فى قضية أخرى تنظرها بعد ذلك.