نستكمل هنا مقالاتنا السابقة عن دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى نشر المعرفة. وقد بدأنا بالمعرفة وبناء الإنسان، حيث هى أساس أى تنمية مستدامة. وقد أوضحنا فى عرضنا البناء المعرفى من خلال منظومة تشمل عناصر المنهج والمسير (اسم جديد للمدرس) وأدوات التواصل. وقصرنا الحديث على مرحلة أولى يكون فيها التواصل باستخدام المنظومة الإلكترونية فى اتجاه واحد. أى أن الطالب ليس لديه آلية تواصل إلكترونية (حاسب). وتتيح هذه المنظومة توفير مادة علمية بطريقة جذابة ومشوقة وكاملة من خلال مناهج تعرض المعرفة فى شكل أفلام وليس طباشيرة وكلام. وهذا أيضاً يختصر كثيراً من الوقت وبالتالى يتيح وقتاً للنقاش مع المسير لأهمية التفاعل.
إن أساس استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات هو رفع الكفاءة/الفعالية مع خفض التكلفة وليس التباهى بالتكنولوجيا.
نتعرض فيما يلى لتوفير حواسيب للطلبة، وهو ما يتيح لهم إمكانية البحث ويضع أكبر مكتبة فى العالم بأطراف أصابعهم.
تحقيق هذا يتطلب تكلفة تقدر بحوالى 15 مليار جنيه للأجهزة اللوحية و10 مليارات جنيه لتوصيل المدارس بنطاق عريض يجب أن يكون مرتبطاً بعدد الطلبة فى المدارس. فلو اعتبرنا متوسط عدد الطلبة فى المدرسة 400 طالب (20 مليون طالب فى 50 ألف مدرسة) فيجب أن يتوفر للمدرسة فى المتوسط حوالى 100 ميجا بايت/ث. ونقترح أن استخدام الطلبة للأجهزة يجب أن يقتصر على وجودهم فى المدرسة، ومن خلال تنظيم وقت للبحث وعدم تسليم الأجهزة خارج المدرسة إلا فى مقابل تأمينى طبقاً للقوانين السارية ولمراعاة الحفاظ على المال العام.
إن توفير منظومة للبحث مع الطلبة هو أساس مهم لبناء عقلى يعتمد على أن الطالب سيكتسب مهارة البحث والتفكير وعدم الحفظ بل والتعاون مع الآخر. سيتيح هذا البناء تحقيق مستوى معرفى عالمى، والهدف الاستراتيجى من ذلك هو أن يكون مستوى الطالب المصرى مقارناً بالمستوى العالمى أعلى بقليل وبشكل دائم من المستوى الاقتصادى، بحيث يدفع العلم الاقتصاد وليس العكس. باختصار لا يبنى الاقتصاد إلا من خلال موارد بشرية أو طبيعية، والأخيرة غير مستدامة فى معظمها، والأولى تتطلب الاستثمار فى البشر من خلال بناء منظومة فعالة للتعلم كما أوضحنا.