بعد أسابيع قليلة سيكون قد مر عام على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية كرئيس لمصر.. ولا أحد ينكر أن هناك الكثير الذى تحقق خلال هذا العام، منها أن العالم كله قد اعترف بشرعية ثورة يونيو 2013، واعترف بحق الشعب فى اختيار من يحكمه وفى تغييره إذا انحرف عن المسار، كما أن علاقات مصر مع الخارج قد تعمقت، وتعددت محاور العمل الدولى، وكانت زيارات الرئيس السيسى الناجحة إلى عدد كبير من هذه الدول ترجمة لحسن العلاقات وتعبيراً عن مرحلة جديدة فى سياسات مصر الخارجية، ولا أحد ينكر أيضاً أن مصر خلال هذه السنة قد أعلنت عن انطلاق عدد من المشروعات الكبرى التى ستغير وجه الحياة فى مصر خلال الأعوام المقبلة.
وجميع ما سبق يصب كتابياً ونظرياً فى صالح الرئيس عبدالفتاح السيسى، غير أن المواطن له حساباته الأخرى، المواطن فى كل بلاد العالم، ومنها مصر بالطبع، يسأل عن شيئين: الأول هو مقدار الزيادة فى الدخل الذى عاد عليه، وهو ما يمكن ترجمته بمصطلحات رجال الاقتصاد نصيب الفرد من الناتج القومى GDP، والثانى هو فرص العمل التى أصبحت متاحة مقارنة بما سبق، وهو ما يمكن ترجمته أيضاً إلى معدل البطالة فى البلد. المواطن لا يسأل عن علاقات خارجية، مهما كانت أهميتها، ولا يسأل عن الجدول الزمنى لتنفيذ أى مشروع، مهما كانت حيويته، ولكنه يسأل عما فى جيبه فى الوقت الحالى.
فى خطاب حالة الاتحاد الذى ألقاه أوباما فى مطلع هذا العام، قال: «أيها الناس لدىّ أخبار جميلة»، وتصدرت تلك الأخبار الجميلة التى يهنئ بها الشعب الأمريكى أن الأسرة الأمريكية خلال هذا العام ستوفر ما يقرب من 750 دولاراً من ميزانيتها، والتى كانت تنفقها على البنزين، نظراً لتمكن الولايات المتحدة من توفير بدائل رخيصة، إضافة إلى ذلك، فإن الطالب الأمريكى، بداية من هذا العام، سيكون بمقدروه الالتحاق بالمعاهد المتوسطة Community College بدون مصروفات أو رسوم، وهو ما يعنى توفيراً لعدة مئات من الدولارات لكل طالب، المواطن يسأل عن جيبه أولاً، ولا يسأل عن شىء آخر، ولعل هذا ما قصده القائل: «أعطنى الخبز أولاً، ثم حدثنى عن الله»، جميع القضايا مؤجلة إلى حين الفصل فى موضوع «الخبز»، و«الغاز»، و«الكهرباء» خلال هذا الصيف، جميع القضايا الأخرى مؤجلة إلى حين يتم الفصل فى أولويات الحياة بالنسبة للمواطن العادى.
ولا أدرى، هل استعدت الدولة بالأرقام والإحصائيات عن موضوعى الدخل والبطالة أم لا، لا بد من الاستعداد من الآن للإجابة عن هذين السؤالين: ما مقدار التغير فى دخل المواطن خلال هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة؟ وما نسبة البطالة فى هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة؟ سؤالان لا بد من الاستعداد للإجابة عنهما من الآن؟ إضافة إلى ذلك، فلا بد أن تتم الإجابة وبشفافية عن مصير المشروعات التى تم الإعلان عنها خلال هذا العام، وأعلن أنها سيتم الانتهاء منها خلال عام، منها مشروع قناة السويس الجديدة، والعاصمة الجديدة، ومشروع المليون وحدة سكنية، ومشروع استصلاح خمسة ملايين فدان، ومشروع شبكة الطرق الحديثة التى ستربط مصر كلها، وغيرها من المشروعات الكبرى، لقد التزمنا بجدول زمنى للانتهاء من هذه المشروعات، ولم يظهر منها على أرض الواقع سوى مشروع قناة السويس، فأين بقية المشروعات؟
المواطن فى هذه الفترة من التاريخ أصبح شريكاً فى الحكم، وله أسهم فى إدارة الدولة، وفى كل عام، لا بد من إصدار الموازنة الختامية للدولة، وإعلام أصحاب الأسهم بعائداتهم، وبقيمة أسهمهم الحالية. هذا حق، ويجب الاستعداد لهذا الحق.