استمراراً للحديث حول «الزيارة المعجزة» التى قام بها الرئيس «محمد مرسى» لأسيوط يوم الجمعة الماضى، دعونا نتوقف هذه المرة أمام خطاب محافظ أسيوط «د.يحيى كشك» والذى قال فيه للرئيس: «إنك لم تر أسيوط الحقيقية بسبب حالات التجميل والتوسعة التى أجريت للشوارع، قبل وصولك بيومين، لتسهيل عملية انتقالك أثناء الزيارة، بالإضافة إلى إعداد وتجهيز القاعة الفخمة بجامعة أسيوط»!.
البعض نظر إلى كلام المحافظ الدكتور أمام الرئيس الدكتور على أنه نوع من الصراحة، خصوصاً عندما بدأ الرجل يشكو بالتفصيل من مجموعة المشكلات التى تعانى منها المحافظة، وفى تقديرى أن الأمر عكس ذلك، فهو يقدم لنا امتداداً للنظرية التى أصبح واضحاً أن الرئيس مرسى يعتمد عليها، والتى لخصناها فى عبارة «الرئيس المعارض»، وبالتالى ظهر الدكتور «كشك» فى ثوب «المحافظ المعارض»، فقبل أن يسبق أحد ويشتكى ويرفع صوته بمطالب حل المشكلات وتحسين الحياة يسارع المسئول فيشتكى هو، ويخلع ملابسه أمام العالمين، فماذا بعد أن يشكو المسئول ذاته؟!. هل من المنطقى أن يجرى لسان أى من المواطنين بالشكوى؟ لقد تحدث المحافظ بلسان معارضيه الذين يحصون عليه المشكلات التى يجب أن يتعامل معها، كى يفوت الفرصة على ألسنتهم التى تريد «البخ» فى أذن الرئيس!
وحتى نعطى كل ذى حق حقه، علينا أن نعترف بأن هذا الأسلوب فى الأداء يعود الفضل فى اختراعه إلى صفوت الشريف، أطول وزراء الإعلام عمراً فى العهد البائد، فعندما لاحظ أن الجمهور المصرى انصرف عن التليفزيون الرسمى الذى يسبّح بحمد المسئولين ويقدّس لهم إلى القنوات التى تقدم برامج تنتقد أداءهم، بادر إلى إضافة بعض البرامج الانتقادية على خريطة القنوات الرسمية لتعيد المواطن الغاوى نقد فى المسئولين إلى حظيرته الرسمية. لقد رفع صفوت الشريف شعار: «ليه تسمع شتيمة المسئولين بره ما دام ممكن تسمعها جوه.. تعالى عندى وحجيبلك اللى يشتمنى»!.
لكن يبقى أن للمسئولين الجدد فضل تطوير هذه الطريقة الجهنمية فى الأداء، بعد أن استغنوا عن صناعة معارضين أو استجلاب منتقدين، وتولوا -بأيديهم- كشف سوءاتهم، ليقدموا لنا نمطاً غير مسبوق من المسئولين الذين يلعبون بـ«بيضة الحكومة» و«حجر المعارضة» فى الوقت نفسه!.. ربما استفاد مسئولونا الحاليون من طريقة الشجار فى المناطق الشعبية، فالمحترف فى هذه المناطق يبدأ «الخناقة» بخلع ملابسه «ملط»، فيرتعب من يرتعب، ويخجل من يخجل، ويتراجع من يتراجع، ولن يستطيع الخصم، الذى يصر على المواجهة، الإمساك بواحد «ملط» بحال، وقد يبالغ المحترف فيسحب «موس» من «فمه» ويبدأ فى «تشريط» وجهه، وعندئذ لا يجد الخصم مناصاً من الانسحاب، فماذا يفعل والمكّار بيقطع نفسه بإيده؟!.