مخترع دواء فيروس "سى" الجديد لـ"الوطن": نسبة الشفاء بـ«فيكيرا» 100٪
حققت عقاقير فيروس سى الحديثة من الجيل الأول نجاحات كبيرة فى علاج المرضى، وأعطت أملاً حقيقياً، ما يعد إنجازاً علمياً غير مسبوق، حيث وصلت نسب الشفاء إلى ٩٠٪، وفى تطور علمى جديد أعلن مؤتمر الجمعية الأوروبية للكبد فى فيينا، عن الجيل الثانى من الأدوية التى تحقق نسبة شفاء ١٠٠٪، حيث اعتمد عقار «فيكيرا» المركب من دواءين يمكنهما علاج مرضى الفيروس خلال ١٢ أسبوعاً، ويمكن أن تقل المدة عن ذلك فى بعض الحالات المختارة والتى نصت عليها الخطوط الإرشادية المعلنة فى المؤتمر تحديداً.. وحول كيفية التوصل لهذا الإنجاز العلمى الجديد، وكيف يمكنه تغيير شكل العلاج لمرضى فيروس سى، كان هذا الحوار مع العالم ومخترع العقار الدكتور بارى بيرنشتاين، رئيس وحدة الأبحاث والتطوير بشركة «أبفى» الأمريكية.
■ كيف تم الاتفاق بين الشركات على طرح علاج شافٍ لمرضى فيروس سى دفعة واحدة بعد أن كان يصعب علاجهم؟
- هذا يعود لتاريخ اكتشاف أسرار فيروس سى نفسه عام ١٩٨٩، ومنذ هذا التاريخ قررت كل الشركات العمل من أجل التعرف عن قرب على الفيروس وأنواعه، وأساليب تكاثره، وآلية التعامل مع أعضاء الجسم المختلفة، وغير ذلك من الأسرار المهمة، والسباق كان شديداً بين الشركات للتوصل إلى نتائج قبل غيرها لطرح العلاج المناسب، وبمجرد التوصل إلى كيفية تكاثر الفيروس، بدأت ثورة التصنيع داخل الشركات لإيجاد العلاج الفعال، وشهدت أواخر حقبة التسعينات، وبداية الألفية الجديدة، ثورة أخرى فى الأبحاث، نتج عنها التوصل إلى عقاقير فعالة للعلاج من فيروس سى لأول مرة، وبالطبع كانت هناك فروق طفيفة فى توقيت طرح الأدوية بين شركة وأخرى، وها نحن الآن أمام الجيل الثانى من العقاقير العلاجية التى ستؤدى فى النهاية إلى الشفاء من هذا المرض الخطير بكل أنواعه المختلفة، بما فيها النوع الجينى الرابع.
■ كيف يُكتشف عقار جديد للعلاج من مرض معين؟ وكيف يُطور؟
- بدأ العمل على فيروس سى عام ٢٠٠٦، وبدأت التجارب على الأدوية الجديدة من العقاقير التى تضاف على الإنترفيرون والريبافيرون، ثم اكتشف أن الأدوية التى نعمل عليها يمكن أن نجمعها معاً للاستغناء عن الإنترفيرون، ولكن فى هذا الوقت لم يكن أحد متأكداً من إمكانية الاستغناء عن الإنترفيرون، وبدأنا تجارب على الفئران، وبعد ذلك وجدنا النتائج جيدة، وبالتالى بدء العلاج على ١١ شخصاًً، ٩ منهم تم شفاؤهم تماماً من فيروس سى، وبدأنا من هنا المرحلة الثالثة للأبحاث، وشملت التركيبات مع بعضها، وكنا نستهدف المرضى ذوى الطبيعة الخاصة، مثل مَن لديهم مرحلة متأخرة من التليّف الكبدى، أو بداية التشمع الكبدى، وبدأنا نكتشف النوع الجينى الرابع، وبدأت التجارب عليه من خلال العلاج بمركبين فقط بدلاً من ٣، نتيجة ضم المركبين دون ريبافيرون، والنتائج وصلت إلى ٩٠٪ ومع وضع ريبافيرون، النتائج بلغت ١٠٠٪، وهذه النتائج شملت المرضى الذين لم يتلقوا علاجاً بالإنترفيرون من قبل، وشملت مرضى تلقوا علاجاً بالأنترفيرون من قبل، وحالياً بدأنا دراسة للمرضى المصابين بالنوع الجينى الرابع، ولديهم تشمع بالكبد.[FirstQuote]
■ هل هناك دراسة تؤكد فعالية الدواء على النوع الجينى الرابع المنتشر فى مصر؟
- بالفعل بدأنا دراسة جديدة داخل مصر مكونة من ١٦٠ مريضاً وهى دراسة ضخمة، من بينهم ١٠٠ مريض بفيروس سى بدون مضاعفات، و٦٠ آخرون لديهم تليف بالكبد، المجموعة الأولى تلقت العلاج لمدة ١٢ أسبوعاً، والمجموعة الثانية لمدة ١٢ أسبوعاً أيضاً، واستمرت لمدة ٢٤ أسبوعاً لدى بعض المرضى المصابين بتشمع شديد فى الكبد، ومن المقرر إعلان نتائج تلك الدراسة بمجرد انتهائها من خلال أقرب مؤتمر دولى للكبد، وهناك أيضاً دراسة تسمى «بيرل» نُشرت فى الدوريات العلمية، وأجريت حول النوع الجينى الرابع، ومن خلال نتائجها الجيدة تم الترخيص للعقار كدواء مؤثر وفعال على علاج النوع الجينى الرابع فى هيئة تسجيل الدواء الأوروبية، فى حين أشرفت الإجراءات على الانتهاء لتسجيله فى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية.
■ متى يختفى فيروس سى من العالم؟.. وهل ستظهر أجيال جديدة من العقاقير فى المستقبل لتحقيق الهدف نفسه؟
- المتاح حالياً من أدوية يحقق بالفعل نسب شفاء تصل إلى ١٠٠٪، وفى الوقت نفسه تتطور تلك العقاقير، نظراً لأن هناك مرضى بفيروس سى، وأمراض أخرى قد يتأثرون سلباً بالعقاقير المعالجة لهم، مثل المصابين بفشل كلوى، وفى نفس الوقت يكونون مصابين بفيروس سى، كما توجد أمراض أخرى مشتركة مع فيروس سى لا بد من إيجاد العقار المناسب الذى لا يؤثر عليها عند العلاج من فيروس سى، وأتوقع خلال فترة وجيزة، تطوير معظم العقاقير لتتناسب مع الأنواع المختلفة من المرضى، وبذلك يمكن التخلص من فيروس سى نهائياً من العالم، لكن تحديد تاريخ بعينه سيكون أمراً صعباً حالياً، لأن ذلك مرتبط بعوامل كثيرة خارجة على الإرادة، من بينها قدرة الشركات على إنتاج العقاقير العلاجية بكميات كبيرة، وقدرة توزيعها على مختلف أنحاء العالم، وغير ذلك من الأسباب المختلفة، إلا إننا فى شركة «أبفى»، نسعى للوصول بعقارنا إلى كل دول العالم.
■ متى سيُصنع لقاح مضاد لفيروس سى؟
- لن يحدث ذلك فى القريب، خاصة أن فيروس سى من أكثر الفيروسات سريعة التحور، ما يمنعنا من الوصول إلى لقاح، ويشترك فى ذلك فيروسات لأمراض أخرى، مثل الإنفلونزا التى تتحور كل عام وينتج لها مصل جديد كل عام، كذلك فيروس نقص المناعة «الإيدز».
■ ركزت أبحاث مؤتمر الجمعية الأوروبية للكبد هذا العام على مرض الكبد الدهنى لخطورته.. باعتبار أنه وجد حلاً لفيروس سى.. فهل توصلتم لعلاجات للكبد الدهنى؟
- بالتأكيد هناك اهتمام ببدء الأبحاث من أجل التوصل إلى عقار فعال لعلاج الكبد الدهنى، نظراً لأنه مرض خطير، ولكن لا يمكن التكهن بما سيحدث فى المستقبل، والباحثون منذ سنوات يحاولون اكتشاف عقار له، وهناك بعض العقاقير فى مراحل الدراسات والتطوير، ولكنها لم تصل حتى الآن إلى مرحلة التسجيل والحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء.[SecondQuote]
■ كيف تقيّم الاكتشافات العلمية الأخيرة؟
- خبرتى فى أبحاث الأمراض الوبائية تشير إلى أن العلاج من فيروس سى يختلف عن باقى الفيروسات الوبائية، فهو ذات صفات صعبة جداً فى التعامل معها، ولذلك اكتشاف العقار القادر على الشفاء منه، وبنسب مرتفعة يعتبر من الإنجازات المعدودة فى العلم، وهذا يشبه تماماً الإنجاز العلمى الذى غيّر شكل الطب فى العالم عندما اكتشفت المضادات الحيوية، ووجه التشابه بين اكتشاف المضادات الحيوية وعقار علاج مرضى فيروس سى، هو أنها جاءت للعلاج من أمراض قاتلة، فإصابة فرد من أفراد الأسرة بفيروس سى من شأنه تعكير صفو العائلة بالكامل وقد يجعلها فى حالة انتظار للموت وهو شىء ليس جيداً على الإطلاق، وبالطبع التوصل إلى عقار شافٍ من فيروس سى وآمن فى الوقت نفسه يعد إنجازاً علمياً، والحقيقة أننى أشعر بالفخر بالفريق البحثى، وأنا جزء منه، الذى طور هذا العقار.
■ ٧٠ ٪ من المعروفين لى ماتوا بالفيروس بسبب إصابتهم بالسرطان، فهل سيساهم هذا العقار بتقليل نسب سرطان الكبد؟
- أنت تتحدث عن رقم ضخم ومؤسف، والإجابة نعم، فالعقار الجديد سيخفض نسبة الإصابة بسرطان الكبد، ولكن لا يمكننى تحديد نسبة، وعندما تُرفع نسبة الشفاء التام، أو اختفاء الفيروس فسيتبع ذلك بالطبع انخفاض نسب التعرض للسرطان.