تنص المادة 67 على حق الطفل فى الرعاية الأسرية والتغذية والمأوى والخدمات الصحية وعلى التزام الدولة بحماية الطفل عند فقدان البيئة الأسرية وبكفالة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع. ثم تحظر ذات المادة تشغيل الأطفال قبل تجاوزهم سن الإلزام التعليمى فى أعمال لا تناسب أعمارهم وتضمن حقوقهم القانونية حال الاحتجاز. وعلى أهمية حقوق وضمانات الرعاية والمأوى والصحة، تنتقص المادة 67 بوضعها الحالى وبما تصمت عنه من حقوق الطفل المصرى على نحو صادم.
الصمت، أولا، عن تحديد السياق العمرى لمرحلة الطفولة وإقرار امتدادها إلى 18 سنة فى الدستور ينتقص من الحقوق. فالقوانين المصرية تحمل إشارات متضاربة للسياق العمرى للطفولة (14 و16 و18)، الأمر الذى يرتب اضطرابا بالغا فى منظومة حقوق الطفل ويستدعى من ثم توحيد السياق العمرى بتحديد دستورى قاطع.
الصمت، ثانيا، عن حقوق الطفل المهدرة فى واقعنا المصرى، إن لظواهر سلبية وأزمات كتسرب الأطفال من التعليم الإلزامى وعمالة الأطفال وأطفال الشوارع، أو لجرائم وانتهاكات تطالهم دون حماية. يتعين على مادة الطفل فى دستور مصر 2012 أن تلزم الدولة بالقضاء على أمية الأطفال وتسربهم من التعليم، وبالقضاء على عمالة الأطفال بخطة تدريجية، وحماية السلامة الجسدية والنفسية وحقوق الطفل فى أماكن العمل إلى أن يقضى على هذه الظاهرة، ومواجهة ظاهرة أطفال الشوارع وحماية حقهم فى الرعاية والتأهيل والاندماج التدريجى فى المجتمع.
الكثير من أطفال مصر يعملون، وعمالة الأطفال وبغض النظر عن تفاصيل أماكن العمل هى جريمة بحق أطفال لا يؤهلهم تطورهم الطبيعى لعلاقات عمل دورية.
وأشعر بالخجل الشديد، أخلاقيا وإنسانيا، إزاء إضفاء مسودة الدستور للشرعية على عمالة الأطفال بالإشارة إلى وجود أعمال تناسب أعمارهم.
الكثير من الأطفال يعانون من العنف وانتهاك سلامتهم الجسدية والنفسية أثناء العمل، وهم بحاجة لحماية الدولة لهم وإقرار هذا المبدأ دستوريا.
الكثير من أطفال مصر هم ضحايا أزمات المجتمع كالفقر والأمية وأطفال الشوارع وضحايا ظواهر إجرامية كالاتجار بالبشر وبالفتيات القصر وبأعضاء الجسد البشرى، وهم أيضاً بحاجة لحماية الدولة لحقوقهم ولكرامتهم، وبحاجة لالتزامها بالقضاء على هذه الأزمات والظواهر فى إطار زمنى محدد.
الصمت، ثالثا، عن التزام الدولة برعاية وتشجيع الأطفال الموهوبين فى مجالات مختلفة (من الموسيقى والرياضة إلى البحث العلمى) ينتقص من حقوق الطفل. التزام الدولة هنا، وهو ضرورى وبه مكون مسئولية الأجيال الواعية اليوم إزاء الأطفال وأجيال الغد، لا بديل عن أن يترجم فى نص دستورى واضح يشير أيضاً إلى تعهد الدولة بالإنفاق على رعاية الأطفال ودعمهم وفقا للمعايير العالمية.
الصمت، رابعا، عن ضرورة النص تفصيلا على ضرورة حماية حق الأطفال ذوى الإعاقة فى التعليم والرعاية الصحية والنفسية ينتقص من حقوق الطفل فى مصر. الدمج فى التعليم الحكومى والخاص، الرعاية وفقا لبرامج محددة تقوم عليها مؤسسات عامة وخاصة تشرف عليها الدولة، الدمج فى المجتمع عبر وسائط التوعية والتنسية المختلفة، جميعها التزامات حيوية للدولة تجاه الأطفال ذوى الإعاقة وتستحق أن تفرد لها مادة مستقلة فى مسودة الدستور.
تشعر المادة 67 بالحزن والخجل، الحزن لعظم ما تصمت عنه بشأن حقوق الأطفال والخجل لإضفائها شرعية على عملهم.